Header Ads

الإشكالات المرتبطة بتضارب المصالح في العمل الجمعوي: قراءة تحليلية في تدوينة ميساء سلامة الناجي

 

الإشكالات المرتبطة بتضارب المصالح في العمل الجمعوي: قراءة تحليلية في تدوينة ميساء سلامة الناجي 

مقدمة
مايسة سلامة الناجي الصحفية والمدونة المثيرة للجدل، والتي ظلت لسنوات بكتاباتها الاستثنائية كالسيف فوق اعناق السياسيين والمسؤولين وصناع القرار، تجد اليوم نفسها وسط عاصفة من الانتقادات عقب تدوينة مثيرة للجدل على منصة فيس بوك، حيث أعادت من خلال هذه التدوينة تطرح مسألة تضارب المصالح في العمل الجمعوي والسياسي تحديا، بعدما لم تسعفها رغبتها القوية في الرد على الانتقادات اللاذعة التي وجهت لها من قبل بعد الصحافيين حول عملها لفائدة اخنوش ضد بنكيران خلال مرحلة البلوكاج.


الصورة التي ارفقتها مايسة سلامة الناجي بالتدوينة التي نشرتها على حسابها على منصة فيس بوك

وقد أثارت تدوينتها الأخيرة نقاشا واسعا حول حدود المسؤولية والشفافية والمصداقية في ارتباطها ببعض الفاعلين على الساحة الصحفية والحقوقية، لا سيما في ظل اصرارهم وحرصهم الشديد على اثارة هذه المبادئ والقيم في ارتباطها بتدبير الشأن العام وصناعة القرار، غير أن البعض منهم غارق في تناقضات جمة دون ان يكون منتبها للأمر.

وفي هذا السياق، برز خلال الأيام الأخيرة هذا الموضوع مجددا على الساحة الإعلامية الوطنية من خلال الجدل المثار حول الصحفية والمدونة المثيرة للجدل، ميساء سلامة الناجي، عقب نشرها تدوينة على حسابها بمنصة التواصل الاجتماعي فيس بوك تضمنت سردا لمسارها المهني وموقفها من وضعيتها الحالية، حيث أثارت عدد من النقط التي تناولتها في هذه التدوينة علامات استفهام وأسئلة شائكة.

عرض وتحليل

أشارت المعنية بالأمر في تدوينتها إلى مسارها في مجال الصحافة والتدوين، وتعاونها مع منابر إعلامية وطنية ودولية عديدة وعن اعتناقها لأفكار الإسلام السياسي في مرحلة من المراحل والدفاع عنها باستماته، مبررا موقفها بكونها انخدعت كباقي المغاربة بمشروع حزب العدالة والتنمية، قبل أن تنتقل إلى الحديث عن عملها الحالي كرئيسة لإحدى الجمعيات بمدينة الدار البيضاء، حيث أكدت تقاضيها أجرا شهريا مهما نظير هذا العمل، دون أن تنتبه أن العمل الجمعوي عمل تطوعي ولا يجب أن تتقاضى عنه أجرا، خصوصا وأنها قدمت نفسها كونها رئيسة الجمعية، حيث يفترض أنه تصرف اجرا شهريا لنفسها وربما لأشخاص اخرين يعملون في ذات الجمعية والتي لم تحدد طبيعة عملها بشكل دقيق.

 هذه المعطيات أثارت جدلا واسعا بين المتتبعين، نظرا لكون رئاسة الجمعيات تُصنف في الأصل ضمن المهام التطوعية غير المدفوعة الأجر، إلا إذا كانت في إطار عقود أو وظائف واضحة المهام، وهو ما يطرح إشكالية تضارب المصالح، خاصة في حالة استفادة الجمعية من دعم عمومي مصدره دافعي الضرائب.

وقد ربط العديد من المراقبين هذا الجدل بسياق أوسع يتمثل في المواقف السابقة لميساء سلامة الناجي، حيث عُرفت بانتقادها المستمر لمظاهر استغلال المواقع السياسية والإدارية لتحقيق مصالح شخصية أو مالية، وهو ما جعل تصريحاتها الأخيرة تبدو، في نظر بعضهم، متناقضة مع خطها النقدي السابق.

تفاوتت القراءات لهذا المستجد بين من اعتبر الأمر "سقوطا حادا " في المصداقية المهنية، ناجما عن محاولة لتبرئة الذات من شبهة التعاون السياسي، وبين من رآه نتيجة لعدم الإلمام الكافي بالإطار القانوني المؤطر لعمل الجمعيات، خاصة ظهير الحريات العامة المنظم للعمل الجمعوي، بينما ذهب آخرون إلى اعتباره محاولة لصرف انتباه الرأي العام نحو قضايا جانبية، في سياق أوسع يتسم بانتقادات حادة لأداء الحكومة وفشلها في تنزيل برنامجها.

كما برزت في الخلفية قضايا أخرى أثرت على صورة العمل السياسي والجمعوي، منها فضائح انتخابية وأحكام قضائية بالسجن ضد عدد من البرلمانيين، إلى جانب تسريبات تخص تدبير بعض الجمعيات، ما زاد من حدة النقاش حول ضرورة وضع آليات أكثر صرامة للوقاية من تضارب المصالح وضمان النزاهة في تسيير الشأن العام.

ورغم التعاليق الساخرة والانتقادات اللاذعة حول هذه الأخطاء التي وقعت فيها، لوحظ عدم قيام مايسة سلامة الناجي بمراجعة التدوينة وتعديلها حتى تتجنب احراج تضارب المصالح، ما يعني أنها أرادت اثارة هذا النقاش بشكل مقصود وأن تقديم نفسها بهذه الصورة ربما غابة تخفي ورائها الكثير من المواضيع الأخرى.

خاتمة
إن قضية ميساء سلامة الناجي تعكس الحاجة الملحة إلى إعادة النظر في الإطار القانوني والتنظيمي الذي يحكم العلاقة بين العمل الجمعوي والوظائف المدفوعة الأجر داخله، بما يضمن وضوح الحدود الفاصلة بين التطوع والمهنية، ويعزز ثقة المواطنين في المؤسسات المدنية والسياسية. كما تكشف هذه القضية عن التحدي المستمر المتمثل في ضرورة التوفيق بين المواقف المبدئية والممارسات العملية، بما يخدم قيم الشفافية والحكامة الجيدة ويحد من ظاهرة تضارب المصالح التي تمس بجوهر العمل الديمقراطي.

 

ليست هناك تعليقات