Page Nav

الهيدر

Grid

GRID_STYLE

اخبار عاجلة

latest

رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام حول الجهوية المتقدمة في المغرب

 رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام حول الجهوية المتقدمة في المغرب تــقـديـــم تعتبر الجهة إحدى الأساليب الحديثة لممارسة الديمقراطي...


 رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام حول الجهوية المتقدمة في المغرب



تــقـديـــم

تعتبر الجهة إحدى الأساليب الحديثة لممارسة الديمقراطية التي تأخذ بعين الاعتبار اختلاف المقومات الثقافية والاجتماعية داخل نفس الدولة، فبعد بناء الدولة الوطنية.[1] وبعد أن يصبح كيانها غير مهدد بالتفكك فإن الدولة الديمقراطية أصبحت تبحث عن الوسائل الديمقراطية التي بواسطتها يمكن إعطاء الكيانات الاجتماعية نوعا من الاستقلالية في تسيير شؤونها.

والجهوية السياسية في الوقت الحاضر أصبحت وسيلة لتحديث الدولة ومصدرا جديدا لشرعية السلطة السياسية، وذلك عن طريق فسح المجال للنخب الجهوية والمحلية للمساهمة في تسيير الشؤون العامة لاسيما في التجربة الجهوية الحالية التي تم تكريسها في الباب الحادي عشر من الدستور الصادر بتاريخ 10 أكتوبر 1996 الذي اعتبر الجهة كجماعة محلية وحفها المشرع المغربي بمجموعة من الصلاحيات طبقا للقانون رقم 96-47 المتعلق بتنظيم الجهات.[2]

وقبل الاضطلاع على التجربة الحالية للجهوية بالمغرب بات من المجدي الوقوف على المحطات التاريخية التي قطعها مشروع الجهوية بالمغرب بحيث يمكن أن نقف على فكرة الجهوية الأولى بالمغرب والحد من الفوارق الجهوية من خلال الرسالة الملكية في 9 أكتوبر 1967 بمناسبة إعداد المخطط الخماسي (1968-1972). غير أن روح الإصلاح لم يتم بلورتها في مقتضيات قانونية لخدمة التنمية الجهوية، وجاءت مقتضيات ظهير16 يونيو 1971 لتعبر عن توجه آخر يتلخص في توسيع المفهوم التقليدي لعدم التركيز وذلك بإحداث سبعة جهات اقتصادية يحتمل أن تربط بينها على الصعيد الجغرافي والاقتصادي علاقات كفيلة بتقوية نموها.

وهذه المحطة من الجهوية بالمغرب لا يمكن وضعها بأنها سياسية جهوية بالمعنى الصحيح للكلمة على حد تعبير الأستاذ عبد الحق المرجاني،[3] حيث كانت مجرد عمل جهوي غير ممركز للسلطات المركزية وإطارا لتوزيع تدخلاتها، حيث أثبتت تجربة المناطق الاقتصادية محدوديته ولم يخدم التنمية الجهوية خصوصا وأن في ظهير 16 يونيو 1971 اعتبرت مجرد وحدة إدارية كما سبق وأن وضحنا ذلك، حيث تقوم بإدارتها مؤسسات استشارية تفتقد آليات التقرير.وأمام ضعف نتائج المناطق الاقتصادية السيئة جاء الخطاب الملكي السامي المؤرخ في 24 أكتوبر 1984 حيث شكلت الجهوية منذ هذا الخطاب مشروع مجتمعي شمولي موضوع اهتمام كل الفعاليات السياسية الاقتصادية، الاجتماعية ثم الثقافية التي جعلت من الخطاب الملكي السامي مرجعا لها إلى حين توضيح معالم الإصلاح الجهوي الجديد بصدور قانون التنظيم الجهوي رقم 96 -47 بتاريخ 2 أبريل 1997 هذا القانون الذي مر على تطبيقه سنوات وأبان عن ضعف كبير من حيث مردودية العمل الجهوي الشيء الذي دفع بصاحب الجلالة في ذكرى 33 للمسيرة الخضراء المطالبة بتنظيم الجهوية المغربية لأنها أصبحت قطب التنمية بالإضافة إلى كونها أصبحت شريكا دوليا في ميادين التنمية وهذا ما أراد من أهميتها كمؤسسة دستورية تحظى باهتمام الجهاز الرسمي والفعاليات الوطنية والمدنية والعسكرية، ويتبين لنا من هذه الكرنولوجية التي ميزت سياسة الجهوية ببلادنا أنها لم تتوقف عند حدود الاعترافات بالجهة كجماعة محلية، أو تقسيم تراب المملكة إلى 16 جهة بل أعطاها جلالة الملك محمد السادس التنمية المستدامة والشاملة لبلادنا منظورا أوسع عندما أعلن جلالته في 03 يناير بمراكش عن إحداث لجنة استشارية للبحث في الآليات بالسبل لتطوير الجهوية الموسعة التي تسير ببلادنا إلى التطور والنماء.

كما أضحت الجهة المجال الترابي الأنسب لمفهوم التنمية المحلية الذي هو مفهوم حديث نسبيا ويعين أسلوب عمل اجتماعي واقتصادي في منطقة محددة وقد انتهجته كثير من الدول لاستغلال المبادرة والطاقة المحلية بشكل أحسن لتحقيق مستويات أفضل للمعيشة.

ومن هذا المنطلق، سنحاول تحديد المفاهيم الآتية : الجهوية، التنمية الجهوية، التنمية المحلية.

 

- مفهوم الجهوية :

الجهوية بصفة عامة لها مدلولين، الأول يفيد Régionalisme ويعني مجموعات متماسكة ذات أهداف سياسية دفاعية،[4] حيث تعبر عن فكرة سياسية سرعان ما تتحول إلى اتجاه سياسي.[5] أما المدلول الثاني Régionalisation فهو محدود في إطار المجال الإداري والاقتصادي بالرغم من كون الجماعة المحلية بشكل عام تساهم في تسييس المواطنين وتنبثق أساسا من بيئة سياسية. حيث غالبا ما تفهم الجهوية على أنها نتيجة لتوزيع إرادي لأنشطة الدولة على المستوى الجهوي.[6] ومن تم تشكل الجهوية مجموعة منسجمة تهدف إلى تحقيق تكامل اقتصادي وإداري تنموي.[7] وتؤسس لمفهوم مجالي. يحتل مكانة  محورية في مجال تأطير نحو المدن والقرى، حيث تنبثق عن ديناميكية مكونات الجهة تحقيق التنمية الوطنية.[8]

ومع ذلك يصعب تحديد مفهوم الجهوية والاتفاق حوله، فظاهرة الجهوية تتحكم فيها معطيات وخصوصيات تختلف باختلاف الأنظمة السياسية التي تتبناها، حيث تتنوع علاقة تنظيم المجال ومدى استقلاليته عن المراكز العاصمة، لكون الجهة هي الضاحية أو المجال المحيط بالمركز.[9]

وفي هذا الإطار نميز الجهوية في الإطار الفيدرالي الذي يمنح الجهة استقلالية ثلاثية على المستوى الدستوري والتشريعي ثم الإداري. وبين الجهوية في نظام الدولة الموحدة اللامركزية. حيث يقر الأستاذ "Pontier" إن من القسر وضع حدود فاصلة بين هاذين النموذجين في أكثر من مستوى، في الوقت الذي يتحدث فيه البعض عن الدولة الجهوية مثل إسبانيا وإيطاليا.

وانطلاقا من الخطاب الملكي السامي الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس تخليد ذكرى عيد المسيرة الخضراء. والذي أعطى فيه جلالة الملك بعدا جديدا لمفهوم الجهوية. من خلال الحث على توسيع مجال سلطات وصلاحيات الجهات الجنوبية (الصحراء المغربية)، حيث وظف جلالته هذا المفهوم لتغيير كيفية معالجة مشكلة قضيتنا الوطنية، ويظهر هذا البعد الإستراتيجي كمعطى جديد في تحديد مفهوم الجهوية ببلادنا.[10]

 

- مفهوم التنمية الجهوية :

يقترن اصطلاح التنمية الجهوية بمفهوم المجال الترابي-المكاني[11] فهو يشكل الإطار الذي تمارس فيه الأنشطة التنموية. فالتنمية الجهوية لا تستهدف جهة واحدة دون غيرها وإنما تهتم بكل الجهات، انطلاقا من إمكاناتها الطبيعية، المادية، البشرية.[12] فهي تعنى بمجموع التراب الوطني المنجز والمقسم إلى جهات تحددها معايير تختلف باختلاف خصوصياتها الطبيعية، التاريخية، الثقافية ثم الاقتصادية.

فغالبا ما يرتب مفهوم التنمية بصفة عامة بمعادلة التقدم والتخلف في الميدان الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. فالتنمية أصلا هي عملية اقتصادية تتحكم فيها معطيات قانونية وسوسيو-ثقافية، تتفاعل جميعها من أجل تحقيق نوع من التقدم الاقتصادي الهادف إلى الزيادة في الإنتاج وكسب الدخل الفردي والادخار الوطني،[13] التي تشكل الشروط الرئيسية للازدهار الاجتماعي.

لذلك فمفهوم التنمية يتقسم بالغموض والإبهام بسبب ظروف منشآته وتطوره[14] واختلاف مدلوله في الدول النامية والمتخلفة عنه في الدول المصنفة المتقدمة.

ففي الدول المتقدمة، التي سبقتنا لتسير الحضارة المعاصرة مع بداية الثورة الصناعية ووضع الخطوط العريضة لاقتصاديات الدول الأوروبية على الخصوص، حيث يعيد مدلول التنمية لها حاليا مجرد تطوير لأوضاع قائمة، في حين أن التنمية بالدول الحديثة ليس مجرد تنمية وإنماء، وإنما تطوير جدري أقرب إلى الثورة منه إلى تنمية أوضاع قائمة.[15]

وتعرف منظمة الأمم المتحدة التنمية "على أنها استخدام للوسائل وإتباع للطرق وتعبئة للمجهودات الخاصة و العامة بصفة التوصل إلى رفع المستويات المادية والمعنوية للمجتمعات المحلية والوطنية وجعلها تشارك مشاركة فعالة في تنمية البلاد.[16]

ويتضح لنا ارتباط التنمية الجهوية بالعمل الترابي وكيفية تنظيمه من خلال تعريف المشرع الفرنسي للتنمية المحلية في قانون 24 دجنبر 1983 بكونها "تحريك موارد المجال الترابي من أجل تنمية الأنشطة الإنتاجية وتجسيد الحياة الاجتماعية".[17]

 

- تعريف التنمية المحلية :

يعرف المشرع الفرنسي التنمية المحلية في قانون 24 دجنبر 1983 بكونها "تحريك موارد المجال الترابي من أجل تنمية الأنشطة الإنتاجية وتجسيد الحياة الاجتماعية".[18]

أما بالنسبة للمرغب، فإن مفهوم التنمية المحلية لم يرد في القانون الجماعي المتعلق باللامركزية، رغم أن من أهم أهداف اللامركزية هو تحقيق التنمية بالمستويات الدنيا، وانطلاقا منها يتم تحقيق التنمية الوطنية فعلامة اللامركزية بالتنمية المحلية علاقة جدلية حيث يتم قياس فعالية المستشار الجماعي ومدى مساهمته لتلبية متطلبات جماعته. ومع ذلك فالتنمية المحلية بالمغرب أصبحت حقيقة ملموسة، تجسدها المقتضيات القانونية الواردة في هذا الباب. خصوصا الميثاق الجماعي الجديد الذي أعطى للمجلس الجماعي اختصاصا وصلاحية المداولة في شؤون الجماعة من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

فتعريف التنمية المحلية يرتبط بتحديد القضايا المحلية ودور الفاعلين في إدارتها وتسييرها، وهذا لا يقودنا إلى التطرق إلى شروط قيام اللامركزية التي هي دعائم لإدارة التنمية على المستوى المحلي.

فالتنمية المحلية تتطلب وضع مخططات ومشاريع تشارك فيها الفعاليات المحلية، من أجل خلق جو يساعد على تحقيق هذا الهدف والذي يجعل الجماعات المحلية فاعلا أساسيا في تطوير وتدعيم الاقتصاد المحلي.[19]

لكن إذا كانت الدولة تراهن على التنمية المحلية من خلال المجال الترابي الجهوي فهل يمكن للجهة أن تضطلع بدورها التنموي وما تتوفر على الإمكانيات الاقتصادية والاجتماعية والبشرية ؟ وهل تستطيع الجهة أن تضطلع بدورها التنموية اعتمادا على الاختصاصات الممنوحة لها وكذا الإمكانات المادية والبشرية المتوفرة ؟

وهل تجربة الجهوية الحالية أبانت عن إمكانية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ؟ وما هي المعيقات التي تعيق العمل الجهوي ؟ وما هي البدائل المقترحة لجعل الجهة كآلية لتحقيق التنمية المحلية ؟

هذا ما سنحاول "إن شاء الله" الإجابة عنه من خلال هذا البحث المتواضع مستغلا في ذلك تواجدي بمجلس جهة طنجة-تطوان كمكلف بمهمة، راكمت تجربة لا بأس بها منذ تأسيس الجهات بالمغرب، معتمدا في ذلك منهجا وصفيا، وكذا منهج بنيوي لوصف واقع الحال بجهة طنجة-تطوان فيما يخص الإمكانيات التي تزخر بها الجهة. وكذا الدور التنموي لجهة طنجة-تطوان.

وسنحاول الاعتماد على التحليل القانوني وهو المنهج المعتمد في التحليل الأكاديمي. وفي الأخير، سيتم الاستعانة بالمنهج التاريخي لرصد المراحل التاريخية التي ميزت سياسة الجهوية ببلادنا.

كما سيتم الاستعانة بوسائل البحث العلمي الحديثة كالانترنيت والجولات الميدانية في كل الجهات بالمملكة، وكذا الاستعانة بالمقررات والوثائق المختلفة والمتنوعة بالمجلس الجهوية.

إن الذي يزيد من أهمية العمل ومن دوافع اختيار الموضوع بهذا الشكل، هي الرغبة الملحة من لدن أساتذة كلية الحقوق بطنجة مستغلا في ذلك تواجدي بجهة طنجة-تطوان كممارس للشأن المحلي.

ويزيد من أهمية هذا الموضوع أنه لم يحظ بالاهتمام الكافي من طرف ممارسي الشأن المحلي، كما لم يحظ بالدراسة والمعالجة.

من هذا المنطلق، سنحاول الإجابة على التساؤلات المطروحة وفق الشاكلة الآتية :

الفصل الأول يشتمل على الإطار النظري للموضوع، لإبراز واقع الحال بجهة طنجة تطوان ويضم مبحثين : سنتناول في المبحث الأول منه : الإمكانيات الطبيعية، البشرية الاقتصادية والاجتماعية للجهة، وفي المبحث الثاني سنعالج المعيقات التي تتوفر عليها جهة طنجة تطوان.

أما الفصل الثاني فسنخصصه للآفاق المستقبلية لجهة طنجة تطوان لتحقيق التنمية المحلية، ويضم مبحثين :

يعالج المبحث الأول : تقييم العمل بجهة طنجة-تطوان، فيما يتطرق المبحث الثاني لبعض الحلول لتجاوز المعيقات التي تعيق العمل التنموي بالجهة، وعليه سيكون التصميم على الشكل الآتي :

 

الفصل الأول : جهة طنجة-تطوان : بين الإمكانيات والمعيقات

المبحث الأول : الإمكانيات المتوفرة بجهة طنجة-تطوان

المطلب الأول : الإمكانيات الطبيعية والبشرية

المطلب الثاني : الإمكانيات الاقتصادية والاجتماعية

المبحث الثاني : جهة طنجة-تطوان : بين العوائق والتحديات

المطلب الأول : العوائق القانونية والبنيوية

المطلب الثاني : دور المتدخلون في التنمية الجهوية

 

الفصل الثاني : الآفاق المستقبلية لجهة طنجة-تطوان

المبحث الأول : تقييم حصيلة العمل بجهة طنجة-تطوان

المطلب الأول : الإيجابيات

المطلب الثاني : السلبيات

المبحث الثاني : اقتراحات لتجاوز عوائق العمل الجهوي

المطلب الأول : التقطيع الجهوي أداة لتحقيق التنمية المحلية

المطلب الثاني : الحكامة الجهوية كآلية للتنمية


الفصل الأول :

جهة طنجة-تطوان :

بين الإمكانيات والمعيقات

 

تعتبر جهة طنجة – تطوان من أهم جهات المملكة نظرا لموقعها الجغرافي المتميز المطل على الواجهتين المتوسطية والأطلسية، وتوفرها على إمكانيات هامة في مختلف القطاعات خاصة منها الطبيعية، البشرية والاقتصادية الممكن تسخيرها لخدمة التنمية المحلية إذا ما تم استغلالها بطرق عقلانية ضمن إستراتيجية محكمة.  لكن تخللها بعض المعيقات على المستوى القانوني والتنظيمي والأخلاقي. فما هي الخصائص والمميزات التي تمتاز بها الجهة من الناحية الطبيعية، البشرية والاقتصادية والاجتماعية وهي المعيقات التي تعرقل العمل الجهوي ؟ وما هي تحديات العمل التنموي داخل جهة طنجة-تطوان.

ومن هذا المنطلق، سنحاول ملامسة هذه المعطيات في مبحثين مستقلين:

المبحث الأول : الإمكانيات المتوفرة بجهة طنجة-تطوان

المبحث الثاني : جهة طنجة-تطوان : بين المعيقات والتحديات

 


المبحث الأول : الإمكانيات الطبيعية والاقتصادية والاجتماعية لجهة طنجة-تطوان

أجمع الباحثون المهتمون بموضوع التنمية أن الجهوية أصبحت البديل والأداة الأساسية لخوض معركة التنمية الاقتصادية  والاجتماعية على مستوى المجال المحلي وتمنح للسكان حق إدارة شؤونهم بالشكل الذي يجعل عملية اتخاذ القرار وتستجيب لتنمية الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية فإدارة التنمية في العصر الحالي لم تعد تعتمد على الهيئات المركزية فحسب بل تجاوزت ذلك لتجعل من اللامركزية الأنشطة الاقتصادية أساس لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مجموع التراب الوطني في إطار تنمية مندمجة ومتوازنة تشمل كافة القطاعات الحيوية الصناعية الفلاحية التجارية والسياحية، ولتحقيق هذه الغاية تعتمد كل جهة على حدة على مقوماتها الطبيعية والبشرية وكذا الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة.

سنحاول ملامسة هذه الإمكانيات في إطار  مطلبين مستقلين : الأول يعالج الإمكانيات الطبيعية والبشرية لجهة طنجة-تطوان، والثاني منه يعالج الإمكانيات الاقتصادية والاجتماعية لجهة طنجة-تطوان.

 

المطلب الأول : الإمكانيات الطبيعية والبشرية لجهة طنجة-تطوان

الفرع الأول : الإمكانيات الطبيعية

تقع جهة طنجة – تطوان في الشمال الغربي للمملكة المغربية . تحد شمالا بمضيق جبل طارق والبحر الأبيض المتوسط، وغربا بالمحيط الأطلسي وجنوبا بجهة الغرب شراردة بني احسن وشرقا بجهة الحسيمة تازة تاونات على مساحة 570/11 كلم2 أي ما يعادل  1.6% من المساحة  الاجتماعية للمملكة . تسكنها  2.470.372  نسمة أي ما يعادل 8.26 من ساكنة المملكة موزعة على الشكل التالي 1.441.921 حضريين و108.451 قرويين.

وتمتاز الجهة بمناخ متوسطي بتأثير محيطي ذو حرارة متوسطة من المحيط إلى المناطق الجبلية. يصل معدل التساقطات المطرية بها إلى 940 ملم مع تساقط الثلوج بالمرتفعات ابتداء من علو 1000 متر.

وتتكون الجهة من شق وحدات ترابية تضم ولاية تطوان، عمالة طنجة أصيلة، عمالة المضيق –الفنيدق- إقليم شفشاون – إقليم العرائش –إقليم الفحص أنجرة.

 ويتميز المجال الجغرافي لجهة طنجة – تطوان بتوفره على أربعة وحدات لجهة طنجة- تطوان بتوفره على أربعة وحدات بيئية متجانسة : حوض طنجة المحيط والساحل والأحواض المتوسطية ومنطقة جبالة واللوكوس السفلى.[20]

- حوض طنجة المحيطي :

يوجد في شمال الجهة ما بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي تعتبر هذه المنطقة كثروة طبيعية للجهة عامة ومدينة طنجة خاصة.

-      الساحل والأحواض المتوسطية.

-      منطقة جبالة.

-      اللوكوس السفلى.

يمتاز هذا المجال بتوفره على مياه جوفية مهمة. كما يتوفر على إمكانيات مهمة لتنميته على المستوى الفلاحي أو السوسيو اقتصادي.

     كما يمتاز مناخ الجهة بأنه متوسطي بتأثير محيطي ذو حرارة متوسطة من المحيط إلى المناطق الداخلية، يصل معدل التساقطات المطرية  إلى940 ملم موزعة ما بين 1800 ملم في المرتفعات و600 ملم في الجهة  الشمالية الشرقية، وتسقط الثلوج بالمرتفعات ابتداء من علو 1000 ملم.

تمتاز الجهة بتنوع جيومورفولوجي ومناخه مهم ويمكن توزيع الرصيد العقاري بالجهة على الشكل التالي :

 

البيـــان

المساحة بالهكتار

المساحة الإجمالية للجهة

1.157.000

المساحة الصالحة للزراعة

391.000

الغابات

404.000

المراعي والمساحة الغير الصالحة للزراعة

362.00

 

 

 

 

- الإمكانيات الهيدروفلاحية :

البيان

المساحة بالهكتار

الري الكبير

1.157.000

الري الصغير والمتوسط

391.000

مدارات في طور الاستصلاح

404.000

مدارات الاستصلاح على مدى المتوسط

362.00

إمكانيات توسيع الري

19.700

 

- الوضعية القانونية للأراضي :

الوضعية القانونية

المساحة بالهكتار

النسبة المئوية

ملك خاص

296.000

76%

كيش

43.010

11%

جماعي

35.190

9%

أملاك الدولة

15.640

4%

المجموع

391.000

 

الفرع الثاني : الإمكانيات البشرية لجهة طنجة-تطوان

يبلغ عدد سكان جهة طنجة-تطوان  2.470.372 نسمة أي ما يعادل 8.26 من الساكنة العامة للبلاد وتسجل كثافة متوسطة تبلغ 188 نسمة في الكلم وهي بذلك تعرف تعميرا يتجاوز بخمس مرات المستوى الوطني أي 37 نسمة في الكلم2.

إنها منطقة يغلب عليها الطابع الحضري بما أن نسبة التعمير بها تبلغ 55.9 خلافا للتنمية الوظيفية التي تبلغ 514%  (سنة 1994).

وتتميز بنية السكان بالحجم المتوسط للأسر بهذه الجهة والتي ترتفع إلى 5.5 من الأشخاص أي متوسط أقل من المتوسط الوطني( 5.9 من الأشخاص) ويصل هذا المتوسط إلى 5.1 من الأشخاص في المدن مقابل 6.1 من الأشخاص في البوادي .

تعتبر ساكنة هذه الجهة شابة نسبيا وبالفعل فحوالي 40%  تقل أعمارهم عن 15 سنة أي نسبة مرتفعة عن تلك التي سجلت على المستوى الوطني 58% .

ويرتفع المؤشر التركيبي للخصوبة – العدد المتوسط للأطفال لكل امرأة– إلى 4.2 في الجهة أي حوالي طفل واحد إضافي عن المتوسط المسجل على المستوى الوطني 3.3%.

وحسب محل السكنى فإن هذا المؤشر يبلغ 3.1 من الأطفال في الوسط الحضري و6.2 من الأطفال في الوسط القروي مقابل. على التوالي 2.6 و4.3 من الأطفال على المستوى الوطني.

تبقى جهة طنجة-تطوان مجالا يغلب عليه الطابع الحضري بما أن نسبة التعمير تصل فيه إلى 55.9 مقابل 51.4 على المستوى الوطني.

وتتغير نسبة هذه من إقليم لآخر ومن مركز لآخر بحيث نجد الساكنة الحضرية لهذه الجهة متمركزة أساسا في ولاية طنجة 46% وبإقليم تطوان 32% شاركت 18 لإقليم العرائش و4% فقط لإقليم شفشاون.[21]

ويفسر هذا التعمير الكثيف لإقليم تطوان وولاية طنجة بالجاذبية التي يمارسها هذان القطبان الحضريان على المجالات القروية المجاورة.

ونتج عن التوسع العمراني وخاصة بالنسبة لحالة مدينة طنجة على الأراضي الفلاحية المجاورة وبالتالي إدماج جزء من الساكنة القروية في المجال الحضري.

كما أن الاتقاء ببعض الأنوية القروية إلى مراكز حضرية أدى إلى مضاعفة عدد المراكز الحضرية للجهة.

إن الإمكانيات البشرية لأي إدارة كيف ما كان نوعها تختلف باختلاف المستويات والتكوينات الدراسية أو التخصصات. وبالتالي فهو نفس الشيء الذي سبق ذكره في إدارة جهة طنجة-تطوان، فالإمكانات البشرية للجهة تختلف في التكوين وفي الرتب والمهام التي يزاولونها إدارة جهة طنجة-تطوان، تتكون من مجموعة من المصالح تقوم بتدبير وتسيير الشؤون الجهوية. موازاة مع المنتخبين ومنادب اللجان الذين يمارسون اختصاصاتهم كل حسب لجنته. وبالتالي، فإن أغلب هذه المصالح تابعة للمنسق الذي يسهر على تسيير جميع المصالح إلى الكتابة الخاصة والاتصال فهي تابعة لرئيس محل الجهة فهي تقوم بمتابعة أعمال الرئيس واختصاصات أخرى.[22]

في اختصاصات هذه المصلحة، ويسهر على الكتابة الخاصة موظفان، موظف بدرجة مكلف بمهمة بمدة 4 سنوات في الإدارة، له تجربة في الكتابة الخاصة و الإعلام والاتصال وبما أن هناك توافق بين مؤهلاته، والمهام المسندة له فينتظر منه الكثير خاصة على مستوى الإعلام من خلال التعريف بالجهة أكثر والمشاريع التي تقوم بها هذه الأخيرة. كما توجد بالمصلحة موظفة بدرجة عون تنفيذ حديثة الولوج لإدارة الجهة مهمتها تتوافق نسبيا مع المهام التي تزاولها في الكتابة الخاصة لكن مردوديتها الحقيقية ستظهر مع مرور الوقت فمؤهلات موظفي هذه الأقسام توافق المهام المسندة لهم والقسم مكتفي من حيث موارده البشرية.

كما ذكرنا فإن المنسق يسهر على سير المصالح التابعة لإدارة الجهة هذه المصالح متعددة كل مصلحة تتوفر على مجموعة من الموظفين منها ما هو كافي من حيث عدد الموظفين ومنها بحاجة إلى المزيد.

وهنا كمصلحة التعاون الدولي وهي مصلحة ذات ثقل مهم ودور فعال في التنمية إلا أنها تتكون من ثلاث موظفين، موظفان درجتان مكلفان بالدراسة لهما أقديمة وتجربة مهمة داخل الإدارات العمومية. مؤهلاتها تفوق المهام المسندة أما الموظفة الثانية فهي بدرجة تقنية حديثة الولوج إلى الإدارة مهمتها توافق المهام المسندة أما الموظفة الثالثة فهي بدرجة تقنية حديثة الولوج إلى الإدارة مهمتها توافق المهام التي تتوفر عليها.

ونجد أن مصلحة كتابة المجلس تتكون من أربعة موظفين موظفان لهما درجة متصرف مساعد وموظفان لهما درجة كاتب مؤقت لهم أقدمية متوسطة للإدارة الجهوية مؤهلاتهم توافق المهام المسندة لهم خاصة في متابعة أشغال اللجن واجتماعات المكتب والإعداد للدورات وإعداد الاتفاقيات.

هناك مصلحة التنمية الاقتصادية،  المالية والموارد تتكون من ثلاث موظفين موظف بدرجة محرر وموظف بدرجة تقني من الدرجة الثانية، وموظف له درجة كاتب لهم أقدمية لا بأس بها داخل الإدارة.

أما مصلحة التنمية الاجتماعية والمجتمع المدني متكون من موظف واحد بدرجة مكلف بمهمة له أقدمية داخل الإدارة.

أما مصلحة التنمية البيئية والموارد الطبيعية فإنها تتكون من موظفتان مهندسة دولة وكاتبة لهما أقدمية داخل الإدارة.

أما مصلحة مكتب الضبط التي تتكون من ثلاث موظفين، موظفة بدرجة عون وموظفان بدرجة كاتب لهما أقدمية وتجربة جد مهمة داخل الإدارة العمومية.

هذا فيما يتعلق بمصالح إدارة جهة طنجة-تطوان، أما فيما يتعلق بخلية الشؤون الجهوية التابعة للولاية وهي مصلحة المالية والموارد فهي تتكون من ثمانية موظفين متصرف ممتاز، مكلف بمهمة، متصرف متصرفة مساعدة، كاتب مؤقت مبرمج، كاتبة مؤقتة، عون تنفيذ.[23]

 

المطلب الثاني : الإمكانيات الاقتصادية والاجتماعية لجهة طنجة-تطوان

تمتلك جهة طنجة–تطوان مؤهلات اقتصادية واجتماعية هامة قادرة على تحقيق إقلاع تطورها الاقتصادي والاجتماعي واختزال مختلف التباينات الجهوية.

كما تزخر الجهة بمجموعة من التجهيزات الاجتماعية.

سنتناول في إطار (الفرع الأول) الإمكانيات الاقتصادية للجهة، ثم سنعالج في إطار (الفرع الثاني) الإمكانيات الاجتماعية لجهة طنجة-تطوان.

 

الفرع الأول : الإمكانيات الاقتصادية للجهة

     وفيما يلي أهم الإمكانيات الاقتصادية لجهة طنجة-تطوان :

 

أولا : الأنشطة الاقتصادية الرئيسية

النشاط الاقتصادي للجهة هو نشاط متنوع بحيث يضم الصناعة، الفلاحة، السياحة، الخدمات والتجارة.

1- الفلاحــة :

تعرف جهة طنجة–تطوان تنوعات جيومورفولوجية ومناخية هامة سمحت بتطوير القطاع الفلاحي حيث أصبح يحتل مكانة لا بأس بها في اقتصاد الجهة وتقدر المساحة الإجمالية الصالحة للزراعية 446.1000 هكتار منها 11% مسقية موزعة على الشكل التالي :

- الملك الخاص للدولة    13.845 هكتار.

- أراضي الجموع         12.634 هكتار

- الحبوس                 9.235  هكتار.

- الجيش                  31 هكتار.

وتتوفر الجهة على عدد كبير من المتدخلين في التنمية الفلاحية حيث بلغت عدد الضيعات الفلاحية 115.000.

-      عدد التعاونيات 300 تعاونية بينها 211 نشيطة.

-      عدد الجمعيات الفلاحية 177 جمعية نشيطة منها 24 جمعية سقوية.

-      عدد الوحدات الصناعية الفلاحية 78.

-      عدد المجمعين الخواص 21.

ويبلغ مجموع عدد رؤوس الماشية 1.558.450 وتعود الغلبة فيها للأغنام 647.000 رأس وللماعز.

2- الصناعة :

يساهم القطاع الصناعي لجهة طنجة-تطوان انطلاقا من إسهامه في التشغيل وفي الاستثمار وفي التصدير، ويساهم في إقلاع التنمية الاقتصادية والاجتماعية لهذه الجهة وبالتالي في إعطاء دينامية للاقتصاد الوطني بحيث تعتبر الجهة القطب الصناعي الثاني بعد جهة الدار البيضاء الكبرى وذلك باعتبارها تضم 10 % من المقاولات وتساهم ب 10 % من القيمة المضافة على المستوى الوطني ويمثل 8 % من الإنتاج الوطني و14% من الصادرات بالإضافة إلى كونها تضم 767 وحدة صناعية تساهم في توفير 700.36 منصب شغل.

وتتميز مدينة طنجة عاصمة جهة طنجة-تطوان بنظام ضريبي خاص يقوي قدرتها التنافسية وذلك بتحفيظه للضريبة على الشركات 50% وكذلك الأمر بالنسبة لبيتنا والضريبة العامة على الدخل والضريبة الحضرية.

ومما ساهم في تقوية التوجة الصناعي بجهة طنجة-تطوان  كونها وفرت بنيات تحتية ملائمة خصوصا مناطق صناعية ومناطق حرة تقل مساحتها 420 هكتار تشكل من بنايات قائمة وأراضي عارية وتتوزع هذه المناطق الصناعية على المدن التالية :

طنجة

اجزناية

المنطقة الصناعية للميناء

مغوغة

المجد

تطوان

مرتيل

العرائش

الأوسطال

وستعزز القدرة التنافسية للجهة في هذا المجال بتجهيز مساحة 2000 هكتار كما أن الجهة ستعرف عما قريب إنجاز مناطق الحرة لمرافقة مشروع طنجة المتوسط ملوسة   1، وملوسة 2، بالإضافة إلى إنشاء منطقة للخدمات المالية لمرتيل.

3- السياحة :

تتميز جهة طنجة–تطوان بتنوع مجالتها الطبيعية حيث تقدم عروضا تتوافق واختلاف انتظارات السياح وذلك باعتبار موقعها الاستراتيجي وباعتبار توفرها على عروض متنوعة :

إلى جانب العروض التي توفرها جهة طنجة–تطوان في مجال السياحة الساحلية اعتبارا لإطلالها على واجهتين بحريين مختلفتين فهي توفر عن نفس الآن عروضا في مجالات السياحة الجبلية والسياحية البيئية (شفشاون).

ويصل القدرة الاستيعابية للوحدات الفندقية إلى 13.000 سرير وحقق خلال سنة 2005، 1.168.666 ليلة مبيت.

وفضلا عن ذلك فالجهة منطقة عبور إجباري بالنسبة للمسافرين الذين يستعملون الطريق البري في اتجاه رؤيا أو أيا منها وبالفعل فعدد المسافرين الذين يستعملون المراكز الحدودية البحرية للجهة يقدر لعدة ملايين من الأشخاص.

 

الفرع الثاني : الإمكانيات الاجتماعية لجهة طنجة-تطوان

تتوفر جهة طنجة على 15 مستشفى موزعة على الشكل التالي 5 مستشفيات بولاية طنجة، 3 مستشفيات بتطوان، مستشفيات بالعرائش ومستشفيان أيضا بشفشاون وبالمقارنة مع مجموعة المغرب تتوفر هذه الجهة على  % 8 من المستشفيات الوطنية أي بنسبة توازي تقريبا مجراها الديمقراطي، ولقد وصلت الكثافة الاستقبالية بجهة طنجة–تطوان سنة 2008 إلى سرير واحد لكل 1000 نسمة، أما بصدد التأطير الطبي فلقد سجل كثافة  طبية بحجم طبيب واحد لكل 2860 نسمة وتتغير نسبة هذا التأطير من وسط إلى آخر ومن إقليم أو ولاية إلى أخرى وفي ما يخص مجال التعليم، فلقد عرف إبان هذه السنوات الأخيرة تطورا مهما في الجهة وتوفرت مجموعة من الوحدات التعليمية سواء منها الابتدائية والثانوية والجامعية ساهمت في تخفيض نسبة الأمية والتي بلغت في الجهة نسبة %4 في حيث تصل على المستوى الوطني %43.

وتشير الإحصائيات الرسمية أن 103.100 طفل تابعوا دراستهم بالتعليم الأولي منهم % 63 بالمدارس القرآنية و % 37 بالتعليم الأولي العصري وذلك قصد إعدادهم من جهة وإدماجهم من جهة أخرى في التعليم الأساسي، هذا الأخير وصل عدد مؤسساته خلال نفس الموسم الدراسي المشار إليه 2002 إلى 1227 مؤسسة تعليمية.

- بعض مؤشرات التنمية :

 

جهة طنجة–تطوان

المغـرب

نسبة الأمية %

41.5

43

الفئة الناشطة %

44.1

52.6

نسبة الهشاشة %

16.0

17.3

نسبة الفقر %

12.4

14.2

مؤشر التنمية البشرية %

0.52

0.53

مؤشر التنمية الاجتماعية %

0.37

0.46

 

 


المبحث الثاني : جهة طنجة-تطوان : بين العوائق والتحديات

إن واقع التنمية بجهة طنجة-تطوان خلال العشر السنوات المنصرمة سنلاحظ أنها لم تكن لتستجيب للتطلعات والانتظارات لكل القوى الفعلية داخل الساكنة المحلية والتي من أجلها عرف مسلسل الجهوية ببلادنا دفعة قوية منذ سنة 1997، من واقع الحال بان عن عوائق قانونية في ظل قانون 96/47 لعدم منح مؤسسة الجهة اختصاصات وصلاحيات واستقلالية في القرار واسعة وواضحة تم تلتها عوائق على المستوى التنظيمي فيما يخص بنية الجهة، وتلتها عوائق أخرى تحد من فعالية المنتخبين وعدم قدرتهم على صياغة رؤية جهوية تترفع عن الرؤية المحضة للتنمية المحلية.

 ومجمل القول، رغم الإكراهات التي تعترض العمل الجهوي فإن مساهمة جهة تطوان ونجد المتدخلون من خلال المشاريع والبرامج تندرج في إطار التنمية المحلية.

على هذا الأساس، سنحاول ملامسة كل هذه المعطيات في إطار مطلبين مستقلين :

المطلب الأول : العوائق القانونية والبنيوية

المطلب الثاني : دور المتدخلون في التنمية الجهوية

 

المطلب الأول : العوائق القانونية والبنيوية

وبالنظر للأهمية التي تحتلها الجهوية في صلب اهتمام الفاعلين الاقتصاديين والسياسيين والاجتماعيين، وباستحضارنا للمدة الفاصلة بين التكريس القانوني والمؤسساتي للجهة ومستواها الآن وأزيد من عقد من الزمن، وبالنظر كذلك إلى مختلف التحولات والتغيرات التي طرأت في بلادنا على جميع المستويات (خاصة على مستوى الديمقراطية)، يجعلنا نتساءل عن التقاعس الذي يعاني منه العمل الجهوي والمؤسسة الجهوية التي مازالت لم تصل إلى مستوى وحجم التحديات المطروحة الآن ومستقبلا ؟

فنعتبر أي تنظيم أو أي مؤسسة وأي مشروع من حجم وقيمة الجهة ليس بالضرورة تعثرا طبيعيا أو من قبيل الصدفة، بقدر ما كانت نتيجة عوائق قانونية، بنيوية.

وهذا هو ما سنحاول ملامسة في إطار فرعين مستقلين :

الفرع الأول : العوائق القانونية

الفرع الثاني : العوائق البنيوية

 

الفرع الأول : العوائق القانونية

إذا تفحصنا قانون 96/47 المنظم للجهات، فقد يتم التنصيص على ثلاثة أصناف من الاختصاصات الأولى ذاتية والأخرى قابلة للنقل من قبل الدولة وأخرى استشارية. رغم أهمية هذه الاختصاصات فإن الملاحظ هو أنها جاءت فضفاضة وعامة، لاسيما الاختصاصات ذات الطابع التقريري. فالمشرع استعمل عبارات غامضة وفضفاضة من قبيل إعداد، دراسة، البث، القيام، اتخاذ الإجراءات، فهو لم يوضح حدود واختصاصاتها في المجالات الاقتصادية.[24]

فالطريقة الفضفاضة التي وصفت بها هذه الاختصاصات تجعل من الصعب اعتبارها ميادين محتكرة وخاصة بالجهة أو تمارس في إطار تكاملي مع الدولة أو الجماعات المحلية الأخرى.

فبالنسبة للصلاحيات الخاصة أو التقريرية هناك صلاحيات تقليدية نجدها كذلك على صعيد الجماعات المحلية كالدراسة والتفويت على الميزانية والحساب الإداري.

فضلا عن هذه الاختصاصات التقليدية طول المشرع للمجلس الجهوي اختصاصات غير تقليدية تعتبر تجديدا بالنسبة للنظام اللامركزي على صعيد الجهة الشيء الذي يعطي للمؤسسة الجهوية بعدا قويا في مسلسل الديمقراطية المحلية ويعزز دورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

اختصاصات تهم التكوين المهني وإنعاش الشغل والرياضة والاستثمار وإقامة مناطق صناعية وغيرها من الصلاحيات التي أدخلها المشرع ضمن قائمة الاختصاصات الخاصة بالجهة إلا أن ذلك لا يعني لا من باب المنطق ولا من الناحية العملية أن الدولة ستتخلى عن هذه القطاعات الحيوية. فالمواضيع أو الميادين التي تم ذكرها تكون موضوع تدخل من قبل المصالح الخارجية الممثلة للسلطات المركزية المتواجدة في نفس الأقاليم. مما يجعل تنظيم الحدود للشؤون الجهوية حاليا من أية مرتكزات دقيقة وواضحة بين الرهانات الوطنية والرهانات الجهوية.[25]

مسألة العمومية وعدم التحديد تثار أيضا عند دراسة الاختصاصات الاستشارية التي توصي بأن المجلس الجهوي قادر على التدخل في كافة المجالات لاسيما الإستراتيجية منها.

إن رأي الجهة في هذه المجالات لا يمكنه إلزام الإدارة المركزية في شيء، بل الأمر رهين بمدى استعداد هذه الإدارة للأخذ برأي المجالس الجهوية المختلفة.

وفضلا عن الغموض في هذا الباب ثمة تناقضات كثيرة في قانون الجهة، خصوصا اقتراح المجلس الجهوي إحداث المرافق الجهوية العمومية وهي تابعة له وتهم اختصاصاته التي من المفروض أن تكون تقريرية.[26]

من جانب آخر لا يمكن إغفال ما تثيره الاختصاصات المنقولة من قبل الدولة، والتي تم التنصيص عليها في المادة من قانون الجهة والتي –أي الاختصاصات- تهم جوانب حيوية كإقامة المؤسسات العامة، وتكوين أعوان وأطر الجماعات المحلية فضلا عن القيام بالتجهيزات ذات الفائدة الجهوية.

فما يمكن ملاحظته في هذا الصدد أن الجهة لا يمكن لها ممارسة الاختصاصات بحكم القانون في غياب نقل فعلي من طرف الدولة التي يعود لها اتخاذ القرار لتحديد موعد وحجم هذا النقل.[27]

إن التنمية الحقيقية تستلزم توضيح كافة الاختصاصات والإمكانيات المرصودة لها وعلاقات التعاون بين مختلف الوحدات إن عمومية الاختصاصات ليست العائق الوحيد أمام تفعيل الإدارة الجهوية حيث أن الجانب البنيوية يلعب دورا غير متجانس في الحياة الجهوية.

 

الفرع الثاني : العوائق البنيوية

إذا كانت الجهة كآلية تدبير للترشيد وأداة من أدوات التسريع بالعمل التنموي فإن بطء سير العمل الجهوي بالمغرب، مما لاشك فيه في اعتقادنا راجع إلى عوائق بنيوية لم تسمح منح البداية بالسير العادي للجهوية مما كان له الأثر البليغ على المردودية المنتظرة من وراء اعتماد الإستراتيجية التنموية.[28]

إن الاختلالات الموجودة على مستوى البناء المؤسساتي للجهة لتعتبر من أبرز العوائق البنيوية التي تساهم في تعطيل مسلسل التطور الجهوي بالمغرب.

ومن تم فإن غياب آليات وأسس ديمقراطية في تشكيل وتكوين مؤسسات جهوية سيسهم في تسويق صورة غير ديمقراطية على هيكلة الإدارة والسلطة الجهوية المنتخبة بالخصوص.

فلقد تمت دسترة الجهة مع دستور 1992 والتأكيد على ذلك في دستور 13/09/1996 وتم تكريسها قانونيا ومؤسساتيا مع الميثاق الجهوي لـ2 أبريل 1997 رقم 47/96 لتشمل بذلك المستوى الترابي المتقدم في مجال اللامركزية[29] بالمقارنة مع الجماعات المحلية الأخرى.

فالجهوية من هذا المنظور الجديد وسلطة تقريرية تستمد شرعيتها من الاقتراع العام المباشر.[30] كما هو الشأن بالنسبة للجهوية الإدارية بفرنسا، ويتم انتخاب أعضاء المجلس الجهوي من لدن مختلف الهيئات المذكورة عن طريق الاقتراع باللائحة والتمثيل النسبي على أساس قاعدة أكبر بقية ودون استعمال طريقة مزج الأصوات والتصويت التفاضلي.

غير أن الانتخاب يباشر بالاقتراع الفردي بالأغلبية في دورة واحدة إذا كان الأمر يتعلق بانتخاب عضو واحد.[31]

من هنا فإن المجلس الجهوي في المغرب انطلاقا من طريقة الانتخاب المتبعة يعتبر بمثابة منتخب المنتخبين. أي أن كتلة منتخبة هي التي تتولى انتخاب المجلس الجهوي (انتخاب غير مباشر). وهو ما ينقص من مصداقية العملية الديمقراطية في حد ذاتها التي تفترض قيام المواطنين بانتخاب ممثليهم مباشرة في المجالس الجهوية على أن يكون بجانبها مجالس اقتصادية واجتماعية تمثل الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية[32] العائلية التربوية والثقافية والرياضية فهو مؤسسة ومجلس استشاري.

فبدون الاعتماد على الانتخاب المباشر في إفراز السلطات الجهوية لا يمكن تحقيق الآمال المعلقة على المؤسسة الجهوية كجماعة محلية[33] بالصيغة غير المباشرة للاقتراع تحد من تمثيلية[34] الأجهزة الجهوية التي سوف تتحمل مسؤولية تسيير الشأن الجهوي. وتنضاف إلى الإشكالات المتعلقة بالنظام الأساسي للمنتخبين غياب سياسة واضحة فيما يتعلق بتكوين المنتخبين، فالتشريع المغربي المنظم للإدارة المحلية الجهة من بينها إلى حدود اليوم يخول من كل تنصيص على حق المنتخبين في التكوين.[35]

وبالإضافة إلى جانب الإطار القانوني والمؤسساتي للتكوين فإن المنتخب الجهوي لا يخضع لتكوين سياسي، والذي من المفروض أن تقوم به الأحزاب السياسية،[36] التي تشكل مبدئيا المادة الخام للمجالس الجهوية بالأطر الحزبية المستثنية، هذه السلبيات تضعفها وتكرسها ضعف الإمكانات افتقار الأحزاب السياسية للإمكانات المادية والعملية، غياب مشاريع مجتمعية واضحة لدى أغلب الأحزاب السياسية.

 

المطلب الثاني : دور المتدخلون في التنمية الجهوية

إن تجربة جهة طنجة-تطوان من خلال المشاريع والبرامج والعمليات التي تمت بصورتها تندرج جميعها في إطار مفاهيم التنمية المستدامة سواء من حيث تمثل طرق وإشكال بلورة المشاريع بالاعتماد على مبدأ المشاركة الواسعة للمعنيين المباشرين أو من حيث اختيار القطاعات والمحلات المستهدفة وبذلك فإن عمل مجلس جهة طنجة-تطوان يتدرج ضمن الاختيارات الكبرى لبلادنا في مجال التنمية المستدامة، وكذا المتدخلون الفاعلون في التنمية المحلية، وهو ما سنحاول الوقوف إليه في إطار فرعين مستقلين :

الفرع الأول : دور مجلسة جهة تطوان في التنمية

الفرع الثاني : دور المتدخلون في التنمية الجهوية

 الفرع الأول : دور مجلس جهة تطوان في التنمية  

وفيما يلي أهم التحديات التي قامت بها جهة طنجة-تطوان خلال السنوات العشر الماضية :

1-    برنامج التأهيل الحضري.

2-    برنامج الطرق القروية وفك العزلة عن العالم القروي.

3-    المجال البيئي والإيكولوجي.

4-    مجال البنيات التحتية.

5-    الكهربة والماء الصالح للشرب.

6-    المجال الرياضي والتضامن.

7-    مجال التنمية الاقتصادية والاستثمار.

8-    مجال التضامن الاجتماعي.

وكتلخيص عام للمشاريع التنموية بالجهة خلال العشر السنوات الماضية نجد أولا: برنامج التأهيل الحضري الذي انخرطت فيه الجهة منذ سنة 2006 إلى غاية 2009، والذي بلغت قيمته المالية 265.000.000.00 درهم بحيث شكلت المبادرة الملكية المتعلقة بإعطاء انطلاقة برنامج التأهيل الحضري من مدينتي طنجة-وتطوان حدثا بارزا في تاريخ الجهة.

ويهم هذا البرنامج تأهيل البنيات التحتية الحدائق العمومية -الساحات ، المدن العتيقة – الإنارة العمومية – الملاعب الرياضية.

وتوزع الاعتمادات الخاصة بالتأهيل الحضري على الشكل التالي :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                 

ولاية طنجة

60.000.000.00

ولاية تطوان

55.000.000.00

إقليم العرائش

55.000.000.00

إقليم شفشاون

40.000.000.00

عمالة المضيق

35.000.000.00

إقليم الفحص أنجرة

20.000.000.00

المجموع

265.000.000.00

ومن جهة أخرى انخرط مجلس الجهة في برنامج آخر لا يقل أهمية عن البرنامج السابق الذكر والمتعلق بفتح المسالك وتعبيد الطرق القروية حيث بلغت الاعتمادات المرصودة لهذا العمل منذ تأسيس مجلس الجهة أن يستجيب لحاجيات كل الجماعات القروية الضعيفة التابعة لتراب مجلس جهة  طنجة-تطوان.

واعتبارا للأهمية القصوى التي يخص بها الماء والكهرباء في حياة الفرد والجماعة على السواء، انخرط مجلس جهة طنجة-تطوان في برنامج تعميم جميع الجماعات الحضرية والقروية بالماء الصالح للشرب والكهرباء حيث رصد مبلغ 2.870.000.00 بشراكة مع المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب .

وفي مجال التضامن الاجتماعي بادر مجلس جهة طنجة-تطوان إلى الانخراط في عدة عمليات اجتماعية تهدف إلى دعم قطاع الصحة بالجهة ونخص بالذكر عقد اتفاقيات شراكة مع الجمعيات العاملة في ميدان القصور الكلوي وعددها 7 على مستوى الجهة من أجل اقتناء المستلزمات الطبيعية الخاصة لهذا الداء وشملت التغطية كل مدن الجهة بنسب مئوية متفاوتة، كما تدخل مجلس الجهة في دعم قطاع آخر لا يقل أهمية عن القطاع الصحي وهو قطاع الشباب والرياضة حيث بلغت مجموع الاعتمادات المستثمرة في هذا المجال 7.864.839.63 برمجت لبناء بعض دور الشباب بالجهة وبعض النوادي النسوية، وبعض دور الثقافة، وبعض المكتبات العمومية.

واعتبارا للأهمية التي يخص بها قطاع الإنتاجية بالجهة فقد عمل المجلس على دعم قطاع الصيد البحري التقليدي بالجهة بحيث عمل على تمكين العاملين في هذا القطاع ببعض المعدات التقنية للحفاظ على سلامتهم ومن جهة أخرى ساهم المجلس الجهوي في إعداد بنك معلومات يوضع رهن إشارة الفاعلين الاقتصاديين والمستثمرين، هذا البنك عبارة عن وضع خرائط اقتصادية بمدن الجهة. وبلغت مجموع الاعتمادات المرصودة لهذا القطاع 2.325.000.00 درهم.

وانسجاما مع قمة ريو 1992 الداعية إلى التنمية المستدامة وحفاظا على المجال البيئي الجهوي تم إحداث تجربة رائدة جديدة على المستوى الجهوي بالمغرب والمتعلق بإحداث مشروع منتزه بوهاشم والذي حاول المجلس من خلاله تحريك قاطرة النمو الاقتصادي وتنشيط السياحة القروية والمحافظة على البيئة الطبيعية لمجال ترابي شاسع في قلب جهة طنجة-تطوان  ويهم 6 جماعات قروية و ثلاث عمالات وتبلغ مساحة هذا المشروع 76.000 هكتار وتشغله 41.000 نسمة.

 

ومن أهداف هذا المشروع :

-      حماية وتثمين التراث الثقافي والطبيعي.

-      إعادة الاعتبار للفضاءات والأماكن الغابوية.

-      تحسين ظروف حياة الساكنة من خلال فك العزلة وإنجاز مشاريع مدرة للدخل.

-      تثمين المنتوجات المحلية وتشجيع السياحة القروية.

-      توعية وتربية  الساكنة والزوار في مجال البيئة والتنمية المستدامة.

بالإضافة لهذا المشروع ساهم مجلس جهة طنجة-تطوان في تهيئة المنتزه الطبيعي ببيرديكاريس كما ساهم في تهيئة بعض المساحات الخضراء بتراب الجهة وبناء حوض للتطهير بالقصر الكبير وبلغ الاعتماد المرصود لهذه العمليات 5.499.960.78 درهم.

 

الفرع الثاني : دور المتدخلون في التنمية الجهوية

أبرزت الرسالة الملكية التي وجهها جلالة الملك محمد السادس إلى الوزير الأول الأهمية التي يوليها جلالته لإنعاش الاستثمار والنهوض باعتباره وسيلة فعالة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكمحضر أساسي للنمو ومن جهة أخرى وكلمة للوزير أمام مجلس الحكومة، تم الإعلان رسميا عن إحداث لجنة منظومة الاستثمار، وبالتالي إحداث مراكز جهوية تابعة لها.

كما تم إحداث وكالة تنمية الأقاليم الشمالية استثناء في اللامركزية الجهوية محلية أساسية في التنمية الجهوية.

سنحاول ملامسة كل من المراكز الجهوية للاستثمار ووكالة تنمية الأقاليم الشمالية خاصة المتدخلين في التنمية الجهوية.

1- إحداث مراكز جهة للاستثمار تحت مسؤولية الولاة :

قرر جلالته على ضوء الرسالة التي وجهها للوزير الأول،[37] أن تحدث مراكز حهوية للاستثمار تحت مسؤولية الولاة على الجهات، تتولى نوعين من المهام الأساسية، أحدهما للمساعدة على إنشاء المقاولات، وأخرى لمساعدة ودعم المستثمرين وفي ذلك يقول جلالة الملك : "...لذا فقد قررنا أن تحدث، تحت مسؤولية ولاة جلالتنا على الجهات، مراكز جهوية للاستثمار تتولى نوعين من المهام الرئيسية، احدهما للمساعدة على إنشاء المقاولات والآخر لمساعدة المستثمرين وبالتالي تتولى تتكون من شباكين اثنين".[38]

أ- الشبابيك الجهوية للاستثمار كأداة للتواصل :

تعتبر درجة التواصل بين البنى المكونة للكل الاجتماعي مؤشرا على دمقرطة النظام ولعل مجمل الانحرافات الوظيفية للبنى الاجتماعية ترجع إلى انغلاق المجتمع على نفسه وانكماش القوى الفاعلة فيه على ذاتها، مما يفقد المجتمع القدرة على التعرف على المطالب الحقيقية، وبالتالي فإن الإصلاح الاقتصادي رهين في إحدى جوانبه بالإصلاح السياسي والإداري للسعي نحو مد جسور التواصل بين الإدارة ومحيطها الاقتصادي، ولن يتم ذلك إلا عبر دمقرطة الإدارة وجعلها في خدمة المستثمر.

إن غياب مخاطب خاص بالمقاولة الصغرى والمتوسطة وغياب انفراس المصالح الخارجية للإدارات في مجموع التراب الوطني، لينجم عنه شبه قطيعة بين الإدارة والمستثمر مما يؤدي إلى نفور الرأسمال الوطني والأجنبي عن الاستثمار ببلادنا.

وفي هذا الإطار تقدم الشبابيك الجهوية للاستثمار الوسيلة المثلى لتحقيق نوع من التواصل الإيجابي بين الإدارة ومحيطها الاقتصادي، حيث تشكل إطارا مؤسساتيا وقانونيا محفزا للمقاولة، وبالرجوع إلى التوجيهات الملكية السامية[39] يلاحظ أن روح الخطاب كان يسعى إلى تحقيق التواصل كوسيلة وكهدف في آن واحد، حيث يلاحظ أن هذه الشبابيك ستسعى أولا إلى المساعدة على إنشاء المقاولة، وثانيا إلى تقديم الدعم للمستثمر أثناء إنجازه للعملية الاقتصادية، إنها الضوابط المثلى لضمان تعامل حضاري بين الدولة والقوى الإنتاجية من جهة ثانية.

إن الشبابيك الجهوية للاستثمار تهدف في أسمى وظائفها إلى دمقرطة الإدارة، وجعلها أكثر استجابة لمطالب القوى الإنتاجية، والدمقرطة هنا  تعني التفاعل والتواصل والقدرة على الحوال، وكلها قيم تهدف إلى حماية المستثمر، وإزالة العراقيل التي قد تعترض طريقه وتؤثر بالتالي على الاقتصاد الوطني برمته.

ب- الشبابيك الجهوية للاستثمار كأداة للفعالية :

تؤكد الأدبيات الاقتصادية على الترابط النوعي القائم بين الفعل الاقتصادي من جهة وعنصر الوقت الذي تتطلبه العملية الاقتصادية من جهة أخرى، فكلما كان إنجاز هذه العملية طويلا، كلما تأثر عنصر الإنتاج والمردودية، بما يعنيه ذلك من شلل في الأداء وضعف في المنافسة، فربح الوقت هو بمثابة ربح المال.

ومن خلال هذا التحليل ظهر مصطلح الفعالية كمفهوم يهدف إلى تحقيق الأهداف بكفاءة عالية عبر إزاحة العراقيل المعوقة لعنصري الإنتاج والمنافسة.

إن البطء في معالجة ملفات الاستثمار يعتبر مؤشرا جيدا على عقم الإدارة الاقتصادية وعدم فعاليتها، ويعتبر هذا الفيروس المحبط لكل عملية إنتاجية بمثابة نتيجة منطقية لتعدد المساطر الإدارية وتقد مسالكها، وغياب التنسيق بين الإدارات، وعدم تحديد الاختصاصات تحديدا دقيقا، وكلها مظاهر لإدارة بيروقراطية، عقيمة.

ولتجاوز هذه الوضعية، تسعى الشبابيك الجهوية للاستثمار إلى إزاحة معظم هذه المعوقات، عبر وضع المطبوع الموحد الذي يقتضي بالضرورة تبسيط المساطر وتحيينها، وتحقيق تناسق بين المصالح الإدارية عبر توجيه التدخلات في إطار توجه عام يراعي البعد الوطني والجهوي والمحلي.

إن الشبابيك الجهوية للاستثمار بسعيها إلى تحقيق الفعالية (السرعة في معالجة ملفات الاستثمار ومواجهة العراقيل)، تقوم بوظيفة غير ظاهرة لمحاربة مجموع الانحرافات الوظيفية للتنظيم البيروقراطي، وأبرزها ظاهرة الفساد الإداري، ذلك أن أهم مشكل يعترض المستثمر في كل مرحلة من مسلسل انطلاق عملية الاستثمار هو غياب الوضوح في الإجراءات، الناجمة عن الأمراض البيروقراطية، والحصيلة هي أن المستثمر يجد نفسه ضعيفا أمام طاحونة بيروقراطية لا ترحم.

وفي نظرنا المتواضع يعتبر إنشاء الشبابيك السالفة الذكر بمثابة قفزة نوعية لإصلاح الإدارة من الداخل. كما أن المحاولات الهادفة إلى إنعاش الاستثمار وتحفيزه، سيكون مآلها الفشل، إذ لم يصاحب ذلك اهتمام فعلي بتدعيم الديمقراطية المحلية باعتبارها وسيلة حيوية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وأداة أساسية للكشف عن المشاكل الحقيقية التي يتخبط فيها المستثمر. والجدير بالذكر أن القيام بهذه الوظيفة يعتبر إجراء جد معقد من الناحية التنظيمية، لأنه يفترض مجموعة من الشروط الموضوعية التي لا يمكن الحياد عنها، وأولى هذه الشروط الارتباط العاطفي بالمجال.

إن آليات التدبير اللامتمركز للاستثمار ستجعل من الدولة ذلك الكيان الذي يلعب دور المسير للعملية الاستثمارية، وذلك عن طريق تبسيط المساطر، والسرعة في معالجة المعطيات، كما ستضطلع بدور المنظم باعتبارها المسؤولة عن صيانة قواعد اللعبة الاقتصادية والسهر على احترامها، وذلك بضمان آليات المنافسة الشريفة، والمحافظة على تنظيم المصالح.

وفي هذا الصدد يقول صاحب الجلالة الملك محمد السادس : "...فإن تفعيل المراكز الجهوية للاستثمار وتنفيذ مختلف التوجيهات الواردة في رسالتنا لوزيرنا الأول بشأن التدبير اللامتمركز للاستثمار وما ينبغي أن يواكبه من إصلاحات قضائية وإدارية وتشريعية ومالية وجماعية أن يجعل من السنة المقبلة إن شاء الله سنة التأهيل الاقتصادي بامتياز...".[40]

هكذا يلاحظ بأن إنجاح آليات التدبير اللامتمركز للاستثمار رهين بتبني إستراتيجية شمولية، حتى نتمكن من ضمان تنمية اقتصادية واجتماعية محلية وجهوية، ومن خلالها تنمية وطنية شاملة، لتكون بذلك أداة فعالة لتحقيق الانسجام الاجتماعي أولا، وتوسيع مقومات ونفوذ الطبقة الوسطى –التي اعتبرها أرسطو بمثابة صمام أمان لكل نظام سياسي يسعى إلى التوازن- ثانيا وتحقيق تنمية جهوية فعالة أخيرا.

2- وكالة تنمية الأقاليم الشمالية استثناء في اللامركزية الجهوية :

فوكالة تنمية أقاليم الشمال تم إحداثها في إطار القضاء على الفوارق الجهوية والاهتمام بالمناطق المهمشة طيلة السنوات السابقة.

وفي هذا السياق ت تناقض السياسة الجهوية من حيث إشراك الوحدات الترابية في مسلسل القرار التنموية وتتنافى مع مبدأ تحقيق تنمية تشاركية تنبثق من المجال الجهوي، فبالنظر إلى تشكلة الوكالة وتمركزها بالعاصمة الإدارية تحت رئاسة الوزير الأول نتساءل عن مصير الاختصاصات الجهوية الممنوحة للجماعة الجهوية أمام التدخل المركزي المباشر في هذا المجال الجهوي ؟

ونحن نعلم أن تدخل الدولة المباشر في هذه المنطقة أملته ظروف خارجية وأخرى داخلية في إطار البعد أورو-متوسطي للمنطقة ومستلزمات علاقتنا مع دول جنوب أوربا. وفي هذا الإطار هل عمل المشرع على توفير آليات التنسيق والتعاون بين هيئات الجهات الشمالية المنتخبة وبين الوكالة ؟

لقد جاء في نص الخطاب السامي، الذي ألقاه جلالة الملك خلال اجتماع المجلس الإداري لوكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لأقاليم الشمال[41] : "...نحن منكبون على هذه المنطقة وبالأخص من ناحية الطرق والكهرباء والماء وبكيفية مجملة نحن منشغلون بانشغال واحد هو كيف يمكن إخراجها من نوع من العزلة لإدخالها في النسيج الوطني الاقتصادي ولإدخالها أكثر فأكثر في النسيج الأوروبي-المتوسطي...".

وتتخلص المحاور الإستراتيجية لتنمية بهذه المنطقة حسب وكالة تنمية أقاليم الشمال[42] فيما يلي :

1-    تعزيز النسيج الإنتاجي وإنعاش الشغل.

2-    العمل على فك عزلة المنطقة وإدماجها في المحال الأورومتوسطي.

3-    السعي إلى تحقيق توازن أمثل داخل الأقاليم وفيما بينها.

4-    ضمان تنمية بشرية مستديمة.

وبالرجوع إلى القانون رقم 95-06 المتعلق بإحداث هذه الوكالات نجد أن المادة الثالثة أسندت إليها الاختصاصات التالية :

-      أن تدرس وتقترح على السلطات المختصة[43] برامج اقتصادية واجتماعية متكاملة مبنية على إستراتيجية عامة تهدف إلى تحقيق الإنعاش.

-      أن تدرس وتقترح المشاريع النوعية الكفيلة بإنعاش وتنمية الاقتصاد والقطاعات الاجتماعية بالأقاليم والعمالات المعنية وتقترحها على الأشخاص المعنوية الخاضعة للقانون العام مغربية كانت أو أجنبية وعلى الشركات وغيرها من الأشخاص الخاضعة للقانون الخاص.

-      أن يبحث عن وسائل التمويل اللازمة لتنفيذ البرامج والمشاريع المشار إليها أعلاه وأن تساهم في هذا التمويل.

-      أن تقوم لحساب الدولة، بتتبع تنفذي البرامج الاقتصادية والاجتماعية المتكاملة والأعمال المتعلقة بتحقيق السياسات القطاعية للإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة المعنية.

-      أن تعمل على تنمية الشغل.

ويجوز للوكالة أن تساهم، ضمن حدود الوسائل المالية المتوفرة لديها، في تهيئة وتجهيز المنطقة المعنية بطلب من الحكومة أو الجماعات المحلية وهيئتها الداخلة في النطاق الترابي المعني أو لسحابهما، سواء وحدها أو في إطار الشراكة.[44]

وانطلاقا من مفهوم التنمية التشاركية، يتطلب حاليا إعادة النظر في تشكلة المجلس الإداري للوكالة بضمه لرؤساء الجهات الداخلة في نطاق تدخل الوكالة، مادامت الإكراهات السياسية والجيوستراتيجية تفرض وجود هذه الهيئة.

ونقترح في إطار تواصل حقيقي بين الوكالة ومجالس الجهات ورؤسائها وكذا ولاة الجهات، أن يتم تحقيق تنمية مندمجة على أساس تمويل جهوي تساهم فيه الوكالة بوعائها المالي بحكم ارتباطها بالتمويل الخارجي، من جهة، ومساهمة الفعاليات الجهوية المنتخبة وغيرها في توفير مشاريع وأفكار قابلة للإنجاز بحكم أنها تعايش الواقع الجهوي لهذه المنطقة.

وفي سياق تحليل البعد التنموي للاختصاصات الجهوية، تثار المسألة التنظيمية وإمكانية الكشف عن فعالية الهيئات المنوط بها تقرير وتنفيذ هذه الاختصاصات.

حيث يطفو الجانب المؤسساتي، كأحد أهم أبعاد تطبيق الجهوية الإدارية، وعنصر رئيسي في تشكيل السلطة الجهوية المكلفة بإدارة وتسيير الشؤون الجهوية.

 


الفصـل الثانــي :

الآفاق المستقبلية لجهة طنجة-تطوان

 

بعد مرور أكثر من 12 سنة على تطبيق الجهوية الحقيقية، وجب تقسيم هذه التجربة قصد رصد التقدم الحاصل والتعرف على المعوقات واستكشاف إمكانية تحسين الإطار الموجود وتصور آفاق جهوية تتلاءم وتحديات المغرب الحالية والمستقبلية، وهذا كله سيكون باستحضار التجربة الجهوية لجهة طنجة–تطوان من خلال (المبحث الأول) تقييم حصيلة العمل بجهة طنجة–تطوان، ثم سنحاول الوقوف في إطار (المبحث الثاني) عن وضع اقتراحات لتجاوز عوائق العمل الجهوي وتصور آفاق جهوية موسعة تساهم في التنمية المحلية.

 


المبحث الأول : تقييم حصيلة العمل بجهة طنجة-تطوان

إذا ما حاولنا تقييم حصيلة العمل بجهة طنجة–تطوان فإنه من الضروري التمييز بين الفترتين اللتين عاشتهما هاتان التجربة، فالمرحلة الأولى التي امتدت بين 1997 إلى 2000 كانت مرحلة التأسيس بالدرجة الأولى، عرفت عدة فتور وركود نظرا لغياب المراسيم التنظيمية التي تعد أساسيته في تسيير الشأن الجهوي وبالرغم من ذلك فقد تحققت بعض الخطوات والمنجزات تمثلت في سبيل الذكر في اقتناء نثر الجهة.

     وكذلك عقد مجموعة من اتفاقيات الشراكة أبرزها اتفاقية الإيطار التي تجمع بين مجلس جهة طنجة-تطوان والمجلس الجهوي لجهة بروفانس ألب كوت دازور أما المرحلة الثانية والتي انطلقت في آواخر سنة 2000 إلى يومنا هذا فقد عرفت دينامية في عدة اتجاهات وعلى مختلف المستويات والميادين تتجلى في المشاريع التنموية المنجزة على الأرض، وهو ما سنحاول ملامسة بعض الإيجابيات في إطار (المطلب الأول)، إلا أن هذا المجهود التنموي يبقى متواضع وذلك راجع لبعض الاختلالات ومعيقات التنمية بجهة طنجة، وهو ما سنحاول الوقوف إليه لرصد بعض السلبيات في إطار (المطلب الثاني).  

 

المطلب الأول : حصيلة الإيجابيات 

يمكن تحصيل حصيلة عمل مجلس جهة–تطوان في تدخل المجلس بالنسبة لبرنامج إعادة هيكلة الشبكة الطرقية الرئيسية والثانوية بالجهة في إطار اتفاقيات ضمت وزارة التجهيز ووكالة تنمية الأقاليم الشمالية وعدة مجالس منتخبة حضرية وقروية وكذلك تدخل المجلس في كهربة العالم القروي وإيصال الماء الصالح للشرب وتقوية البنية التحتية بهذا العالم، كما أن المجلس اعتنى بتهيئة المدار الحضري في كل مدن الجهة وذلك من  خلال برنامج التأهيل الحضري الذي انطلق منذ سنة 2006 إلى غاية سنة 2010.

كما لم يغفل المجلس الميدان الاجتماعي حيث دعم ماديا يقوم به المجتمع المدني في ميدان التكافؤ والتضامن وهكذا تدخل مجلس الجهة مع جمعيات محاربة داء القصور الكلوي وكذلك داء السكري وذلك من خلال بناء عدد هام من مراكز التصفية الكلوية بتراب الجهة.

كما دعم نشاط عدد هام من الجمعيات الإحسانية والثقافية والرياضية وشارك بعض الجمعيات في إقامة مهرجانات ثقافية ومسرحية وموسيقية.

هذا وقد كان من أهم التوجهات التي سلكها المجلس انفتاحه على العالم الخارجي عن طريق توقيع اتفاقيات شراكة بينه وبين جهة بروفانس ألب كوت دازور وناحية قاديس الإسبانية وانخراطه في منتدى الجهات الساحلية الأوروبية وشراكته مع جهة طوسكان الإيطالية، الشيء الذي مكن المجلس من الاستفادة من خبرة هذه الجهات في ميدان الحكامة المحلية والتعاون اللامركزي.

وفي إطار تعزيز وإرساء علاقات الشراكة والتعاون بين الجهة ومختلف الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وطنيا، ولإدراج الجهة ضمن محيطها الطبيعي داخل المنظومة المتوسطية واعتبارا لأن ثقافة الشراكة والتعاون شرط وجود لتحقيق البرامج التنموية والمشاريع الكبرى صادق المجلس الجهوي لجهة طنجة–تطوان على مجموعة من اتفاقيات الشراكة والتعاون تم توقيع غالبيتها وهي :

1-         اتفاقية تعاون بين جامعة عبد المالك السعدي وجهة طنجة–تطوان.

2-         اتفاقية تعاون بين وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في عمالات وأقاليم الشمال وجهة طنجة-تطوان.

3-         اتفاقية شراكة بين الوزارة المكلفة بأوضاع المرأة ورعاية الأسرة والطفولة وإدماج المعاق وجهة طنجة-تطوان.

4-         اتفاقية شراكة بين الوزارة المكلفة بالتعليم الثانوي والتقني  وجهة طنجة–تطوان .

5-         اتفاقية شراكة بين وزارة إعداد التراب الوطني والبيئة والتعمير والإسكان وجهة طنجة-تطوان.

6-         اتفاقية شراكة بين الوزارة المكلفة بالمياه والغابات وجهة طنجة-تطوان.

7-         اتفاقية شراكة بين وزارة الثقافة والاتصال وجهة طنجة-تطوان.

8-         اتفاقية سراكة بين وزارة التجهيز ووكالة إنعاش الشمال وجهة طنجة-تطوان.

9-         اتفاقية تعاون وشراكة مع الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات ومجلس جهة طنجة-تطوان.

10-   اتفاقية شراكة مع وزارة الصحة وجمعيات القصور الكلوي وجهة طنجة-تطوان.

11-   اتفاقية شراكة مع البرنامج العالمي للحد من آفة الفقر بجهة طنجة – تطوان.

12-   اتفاقية شراكة مع الجماعات المحلية التابعة لتراب الجهة ومجلس جهة طنجة–تطوان .

13-   اتفاقية التأهيل الحضري ما بين الجهة والجماعة الحضرية ووزارة الداخلية ووكالة تنمية الأقاليم الشمالية.

 

المطلب الثاني : السلبيات

يمكن رصد بعض السلبيات للعمل الجهوي على مستويين : المستوى الواقعي والمستوى التشريعي، وهو ما سنحاول التطرق إليهما في إطار فرعين مستقلين :

 

الفرع الأول : على المستوى الواقعي

1- نمو حضري غير منتظم :

يشكل النمو الحضري سمة واضحة داخل جهة طنجة-تطوان وذلك تحت تأشير عاملي التزايد الديمغرافي والهجرة القروية، الشيء الذي يجعل المدن تحت ضغوطات يوسع مساحاتها ويؤثر على مستوى خدماتها.

السكان الحضريون يتجاوزون السكان القرويون في الجهة بحيث تصل نسبة التمدن 58 ومرشحة للتزايد، كما أن متوسط التزايد السنوي للسكان الحضريين بلغ 121 في الوقت الذي يتجاوز نفس متوسط في الوسط الريفي.

وتعرف مدن الجهة تزايدات سكانية مستمرة لكنها غير متوازنة.ا\ عرف الشريط الساحلي الممتد من مرتيل الى سبتة خلال الفترة 2005-2006 أكبر وأهم التزايدات وذلك من حلال 5.7 بالمضيق 5.4 بمارتيل و4.5 بالفنيدق.

أما مدينة طنجة تعرف نسبة تزايد ذات وتيرة مستمرة، ونلاحظ من خلال مدة الأرقام أن التزايد  السكاني يقع وبشكل مكثف على الساحل الشمالي للجهة كما يلاحظ نزوح سكاني في اتجاه السواحل في الوقت الذي تبدو معه هذه الأشرطة الساحلية غير مؤهلة لاستيعاب هذه الأعداد البشرية ويمكن تفسير هذه الحركية السكانية بالجذب الذي يمارسه المحور الصناعي للواجهة الأطلسية، وبواسطة التأثير الذي تمارسه نسبة إذ تتحكم في حركات التهريب التجاري القوية وأخيرا بواسطة التجهيزات السياحية الشاطئية التي كان من نتائجها محاصرة الشواطئ وتركيز بنيات قاعدية فوقها كما أن هذا التمدن الغير مهيكل بالشكل الكافي لا يسمح  للمدن أن تلعب دورها كأقطاب ج/ب للأرياف  جل بساهم في خلق تمدن مشتت ويساعد على الهجرات القروية.

2- خصائص التجهيزات الأساسية الكبرى :

أ- من حيث التجهيزات الطرقية يقل مستوى جهة طنجة-تطوان عن باقي الجهات و لا تتوفر إلا على 6 من مجموع الشبكة الوطنية الساكنة تمثل 8 من مجموع سكان المغرب. وستتضح أهمية عدم التوازن هذا عندما تتبين النسب الخاصة بطول الطرق الجهوية والإقليمية لكل فرد،  لهذا لا تمثل الطرق سوى 1.7 كلم لكل 1000 نسمة في حين ه\ا المتوسط الوطني يصل الى 2.3 كلم.

ب- خطوط السكة الحديدية التي تربط طنجة وباقي المدن والحواضر التي يمر منها خط السكة الحديدية غير فعالية كبيرة، كذلك الشأن بالنسبة لنقل البضائع، وبشكل عام فالوضع للبنيات والخدمات الخاصة بتنقل المسافرين والبضائع غير مؤهل لضمان تنقلات بشكل ملائم.

وتعرف جهة طنجة-تطوان وضعية انحصار ونقص على مستوى التجهيزات بالنسبة للمراكز الحضرية والقروية  نقص في الكهربة-غياب شبكات التعريف الصحي وضعف التغطية الصحية خصوصا المناطق الغير ساحلية .حيث أضحت هذه الوضعية عاملا للتهميش الاقتصادي و الاجتماعي.

وعموما فالنقص من حيث التجهيزات ما هم في تأخير التنمية داخل هذه الجهة لكنه في الوقت الحالي يبدو أن كل المتدخلين في التنمية المحلية أصبحوا واعون بالوضعية و منكبون على إعطاء انطلاقة وضع البنيات التحتية الضرورية من أجل الثروة الضرورية للتنمية.

3- ضغط بشري داخل وسط هش :

تسير التوقعات الديمغرافية لجهة طنجة-تطوان أن سكان هذه الأخيرة ستصل إلى 2.8 مليون نسمة مع حلول 2010 وكون نسبة التمدن سترتفع أكثر لتبلغ 86.4 من مجموع الجهة واعتبارا للمساحة الإجمالية للجهة ، فستكون أمام إحدى الجهات الأكثر سكانا والأكثر كثافة.

وبعد الاجتثاث من أجل الحصول على مساحات زراعية والرعي الجائر من أهم العوامل التي تزيد من حدة الضغط على الأنظمة الايكولوجية واللبيوجغرافية للأوساط الريفية، فتضع الأخشاب بشكل غير منتظم واجتثاث الغابات يؤديان سنويا إلى تعرية سفوح جد حادة .

هذه الممارسات تزيد من حدة تدهور هذا الوسط الهش أو بالأحرى الذي تم تهميشه بواسطة الضغط البشري وال\ي بواسطته تزيد سنة بعد سنة الأعداد المرشحة للهجرة القروية.[45]

الفرع الثاني : على المستوى التشريعي

تأتي الجهوية كمخرج لما تعرفه الساحة السياسية والاقتصادية والاجتماعية من صعوبات تنظيمية ومؤسساتية تراكمت بفعل سلبية الإدارة الترابية من جهة وعدم الاهتمام بالمجال الترابي واختلالاته من جهة أخرى إلا أن هذه التجربة تريقها مجموعة من الاكراهات و المعيقات على المستوى التقسيم الترابي أولا وكذا على المستوى التشريعي.

 

أولا : إشكالية التقسيم الجهوي ورهان تحقيق التنمية

يرى محمد سقير أن إشكالية التقسيم الجهوي بالمغرب تتحكم فيها تاريخية وخلفيات، تطورت بفعل تعاقب التجارب التي عاشها المغرب بالإضافة  إلى التباينات الطبيعية والشرعية في أن التقطيع الترابي هو الإطار الجغرافي للسياسة التنمية الجهوية وحتى يمكن إقامة تقطيع يضمن بلورة هذه السياسة ويكفل شروط نجاحها فمن الضروري أن يعتمد على أسس موضوعية وأن يأخذ بعين الاعتبار مختلف المعطيات المحلية ويدمج متطلبات التنمية الوطنية، فالتقطيع هو أساس البناء الجهوي فبناءا على كيفية وضعه يتوقف مستقبل التنظيم الجهوي برمته.

لذلك تشكل خلفية التقسيم الجهوي معايير تحديده أهمية قصوى في تحديد مسار سياسة التنمية الجهوية.

إن أهمية التقسيم الجهوي في سياسة التنمية الجهوية[46] تتجلى في كون إعادة التقسيم تسمح بإعادة ترتيب المجال الجهوي الذي يناسب تطلعات هذه السياسة فرصة جديدة لتوفير مجالات تسمح بقيام إعداد ترابي ملائم تقوم فيه الجهة باعتبارها مؤسسة وظيفية وتنظيمية لمختلف الصلاحيات المسند إليها القانون.

 

ثانيا : إشكالية إمارة الصرف والوصاية المشددة والمباشرة

يتضح من خلال التحليل القانوني لكل من الظهير المتعلق بتنظيم مجالس الجهات. وظهير 15 فبراير 1978 وتعديلاته اللاحقة المتعلقة باختصاصات العمال.

إن المشرع العادي والدستوري فرض وصاية مشددة قبلية على عمل المجلس، في حين أن المنطق العلمي لدور الجماعات المحلية لا ينحصر في إشكالية السيطرة و التحكم في المجال المحلي، بل يتعداه إلى أهم من ذلك حيث تحقيق رفاهية المجال الترابي والسكاني ولذلك عملت أغلب التنظيمات المقارنة على الإبقاء على الوصاية أو الرقابة في حدود تسمح بتحفيز العمل التنموي وتوطيد أسس التنظيم اللامركزي والديمقراطية المحلية ودون حصر علاقة الدولة بالمجتمع المحلي في إطار ضيق يخدم جهة دون أخرى.

وهذا ما يوقف عملية التنمية أو بالأحرى القرارات التنموية التي تصدر عن المجالس المنتخبة والتي ترى فيها صاحبة الاختصاص للنظر في شؤون وحاجيات الجماعات التي تمثلها حيث يصبح نشاط هذه الجماعات مرتبطا بإدارة السلطة المركزية، مما يقصد من هامش الإبداع والخلق التنموي ويبعد مساهمته والكفاءات والفعاليات بالمجال المحلي.

كما أن أهمية ممثل الدولة (والي الجهة) على مؤسسة الجهة بحيث أنه  يعتبر أمرا بالصرف بعد الإشكال الحقيقي المقيد للتنظيم اللامركزي على الصعيد الجهوي،[47] ويعيق عملية   التنمية والإسراع بها في حين أن مضمون اللامركزية الجهوية يجب أن يسمح بإعطاء نفس جديد يفتح أفاق الممارسة الديمقراطية أمام الفئات الاجتماعية ومشاركتها في إدارة الشؤون الجهوية بشكل يحقق مفهوم التنمية من الأسفل – من القاعدة- حيث يتم معاينة مواطن الضعف  والخلل في إطار إدارة حرة تعبر عن حاجياتها من خلال هيئات منتخبة تمارس نشاطها في استقلالية تحت وصاية الدولة.

 

ثالثا : إشكالية الاختصاصات الجهوية وتدخلها في باقي اختصاصات الجماعات المحلية

استنادا إلى القانون رقم 96-47 المتعلق بتنظيم الجهات نلاحظ مرة أخرى أن المشرع المغربي لم يتراجع عن (الصيغة العامة) لتحديد الاختصاصات المعتمدة من سنة 1960. وبالمقارنة مع التشريع الفرنسي نلاحظ أن خاصية –الصيغة العامة- تم تجاوزها سنة 1982 ه/ه الصيغة العامة، التي ترد فيه الاختصاصات الجهوية تزيد من إشكال رهان السلطة على مستوى السلطة وذلك على مستويات الإقليم والجماعات الحضرية والقروية. وهكذا خصص قانون 96-47 فصلا فريدا لاختصاصات المجلس الجهوي حيث أوضحت المادة 6 منه أن المجلس الجهوي. الهيئة التقريرية في أن يبث بمداولاته في قضايا الجهة، ولهذه الغاية يقرر التدابير الواجب اتخاذها لضمان تنميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الكاملة مع مراعاة الاختصاصات المسندة إلى الجماعات المحلية الأخرى إلى تنمية تشابه كبير يصعب معه التمييز بين الشأن الجماعي والشأن الجهوي، حيث تشكل الصيغة العامة القاسم المشترك.

فاستحضار القانون المنظم للجهات أن المشرع المغربي استعمل عبارات فضفاضة لتصنيف الاختصاصات كإعداد ودراسة والقيام والبث واعتماد دون توضيح مضمون هذه الصلاحيات وحمولتها العملية التي تحدد وظيفة الجهة في ميادين وقطاعات معينة.

فالانطباع الأولي يعكس شمولية تدخل الجهة في كافة الميادين إلا أن تعدد المتدخلين. الدولة-الجماعات المحلية الأخرى ، الهيئات المركزية وغير المركزية بالإضافة إلى مؤسسات القطاع العام، يوضح مضمون هذه الاختصاصات التي صنفها المشرع العادي إلى صلاحيات خاصة في غياب تحديد قانوني دقيق يحدد مجال تدخل هذه الهيئات و على الأخص منها الجماعات المحلية جهوية، لا يسعنا إلا أن نصف هذه الاختصاصات بالعمومية والشمولية وعدم الدقة.

وهذا الغموض على مستوى الاختصاصات سيؤثر أشكال تنازع الاختصاص وتداخل الصلاحيات في علاقتها مع الجماعات.

جهوية من جهة ومع الدولة في شخص هيئات عدم التركيز الإداري من جهة أخرى.

الشيء الذي يظهر أن ضرورة إعادة النظر في المقتضيات القانونية المنظمة للجماعات المحلية الأخرى الإقليم والجماعة الحضرية والقروية مسألة لابد منها وذلك  لتحاور تعارض النصوص القانونية و ملائمة النصوص السابقة لمستجدات الجهة كجماعة محلية وسيطة بين الدولة والجماعات تحت-جهوية وجعل الحكامة الجهوية كآلية للتنمية.

وهو ما سنحاول التعمق فيه في إطار المبحث الثاني من الفصل الثاني.

 


المبحث الثاني : اقتراحات لتجاوز عوائق العمل الجهوي

لقد جاء بروز الجهة نتيجة لعوامل متعدد سياسية واقتصادية تترجم اليوم أكثر من أي وقت مضى إرادة كبرى لانفتاح أكبر على المجتمع المدعو ليشارك في التسيير والتقرير في اطار مشروع التنمية و من هنا فان الجهة ستصبح مركز للتقرير والبرمجة والتخطيط والتنمية. هذا الإطار يفترض إقامة إدارة اقتصادية جهوية تستجيب لمتطلبات التخطيط والاستثمار المنتج وتدمج مختلف العناصر الفاعلة لتحقيق التنمية الجهوية، وكذلك يتطلب إعادة النظر على مستوى التقطيع الجهوي وتبيان الاختصاصات المسندة للجهات مع التقليل من  مستوى الوصاية والرقابة وهذا ما سنعمل على مناقشته من خلال مطلبين، سنحاول ملامسته في إطار (المطلب الأول) التقطيع الجهوي أداة لتحقيق التنمية، و(المطلب الثاني) سنحاول الوقوف على الوضعية التي يجب أن تكون عليها هياكل مجلس الجهة في إطار الحكامة الجيدة.

 

 المطلب الأول : التقطيع الجهوي كأداة لتحقيق التنمية المحلية

جاء في مشروع التقطيع الجهوي أن سياسة الجهوية تهدف إلى تعزيز سياسة اللامركزية وتحقيق التنمية الاقتصادية  على المستوى المحلي ، وبناءا عليه فهي تعتبر خطة وإستراتيجية شاملة للتنمية وإعداد المجال الجغرافي لذا كان من الضروري أن يعكس التقسيم الجهوي الخالي بوضوح أسس هذه النقطة ومنطقها وذلك وباعتماده على المقاييس اللازمة لهذا الغرض.

والجهة كي تحقق كل تلك الأهداف والمرامي لابد أن يتوفر فيها شروط التكامل والتناسق إلا أن خلق جهة من هذا القبيل رهين بالمعايير والأسس المعتمدة لخلقها فما هي إذن هذه المقاييس و المعايير التي اعتمدت لخلق جهة أو جهات هدفها محو اللاتوازن ؟ وبالأحرى ما هي البدائل للتقسيم الجهوي الجديد؟

وهو ما سنحاول الوقوف إليه في إطار فرعين مستقلين :

 

الفرع الأول : معايير خلق الجهات بالمغرب

يرى المشرع المغربي أنه من الضروري أن لا يقف التقسيم الجهوي عند حدود المقاييس التاريخية، بل يجب أن يعتمد كذلك  على تلك العوامل التي تساهم في تحديد التنظيم الإقليمي الحالي.[48]

وتتخلص المقاييس التي اعتمدها محضر التقسيم الجهوي في فئتين الأولى تنقسم إلى عاملين : الأول عامل الاستقطاب الحضري، الناتج عن دور المراكز الحضرية الكبرى بصفتها مراكز إشعاع إقليمي وأقطاب للنمو الاقتصادي.

والعامل الثاني يتمثل في تواجد تشابه في المؤشرات الخاصة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية وفي مستويات التجهيزات القاعدية.

وكمثال على تلك المؤشرات يمكن الإشارة إلى كثافة وسائل الواصلات وأهمية النسيج الصناعي، ومستويات الخدمات الحضرية ونوعيتها ونسب التمدرس والأمية وغيرها، وذلك  من أجل ابراز نسبة التكامل الوظيفي والتضامن داخل الجهة.

الثانية :  تتجلى انطلاقا من كون سياسة الجهوية هي بمثابة برنامج سياسي حقيقي فقد بات من الضروري أن يأخذ التقسيم الجهوي بعين الاعتبار كذلك العوامل السياسية والجيوستاتيجية وينعكس ذلك بالشكل التالي :

‌أ-           ضرورة اعتبار عامل الاندماج الوطني من أجل تعزيز الطابع العصري للدولة المغربية.

‌ب-      ضرورة تخصيص معالجة متميزة للمجالات الجغرافية الواقعة على حدود البلاد.

‌ج-       ضرورة الاستفادة من مناسبة هذا التقسيم الجديد لاستثمار الفعاليات والطاقات المتنوعة عبر مختلف الأقاليم المغربية وإبراز الأبعاد المتعددة للمجال المغربي، البعد المتوسطي بالنسبة للأقاليم الشمالية، والبعد الأطلسي بالنسبة للأقاليم الساحلية الغربية، والبعد الجبلي بالنسبة للأقاليم الوسطى والبعد الصحراوي بالنسبة لأقاليم  الحدود.

وهكذا يمكن تلخيص المعايير التي اعتمد عليها واضعو التقسيم الجهوي فيما يلي :

-      المعيار التاريخي.

-      المعيار البيئي.

-      معيار الاندماج الوطني

-      معيار الاندماج الاقتصادي

-      معيار الاستقطاب الحضري

-      معيار التكامل الوظيفي

-      المعيار الطبيعي

-      معيار البعد الاستراتيجي.[49]

ومن خلال استعراض هذه المعايير، يتبادر لنا غياب معيار الاندماج الاجتماعي لمحدد رئيسي في التقسيم الجهوي، علما أن الانسجام الاجتماعي يتوفر من خلال توافر تراكمات تاريخية وطبيعية وثقافية وعرقية تم اقتصادية، تشكل صيرورة تطور مجتمعي، ينتج عنه نوع من التضامن والتعايش الاجتماعي بين المواطنين .

فالتضامن بكل أشكاله يمثل وسيلة وغاية في نفس الوقت بحيث أنه شرط أساسي لتكاثف المجهودات التنموية وتأطيرها في إطار جهوي، يعكس نسبة نمو وازدهار الجهة، وهذا ما يجب الأخذ به في إعادة دراسة التقسيم الجهوي المقبل.

 

الفرع الثاني : بدائل التقسيم الجهوي الحالي.

لقد أنشئت الجهات قصد تقليص الاختلالات ما بين الجهات ومداخلها    في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية إلا أن هذا التقسيم لا يحقق لحد الساعة الغاية المنشودة منه وأن نصف نفقات الاستثمار العمومي للدولة المغربية ستحدد عليها خمس جهات بالمملكة وهي جهة الدار البيضاء الكبرى، جهة الرباط-سلا-زمور-ازعير، جهة سوس-ماسة-درعة، جهة مراكش تانسيفت الحوز وأخيرا جهة طنجة-تطوان.

وهكذا يقين الجهات بالمغرب منذ سنة 1997 تلعب دور ثانوي بالرغم من الاستدراكات التي تحقق في بعض المجالات إلا أنه أهم الاختلالات في التوازن لازالت قائمة لا بين الجهات الستة عشر فحسب بل أيضا داخل هذه الجهات. لذا نقترح إعادة تقسيم المجال الترابي للجهات على الشكل التالي :

-      الجهة الشرقية : أقاليم وجدة، الناضور.

-      الجهة الشمالية : أقاليم طنجة-تطوان والشاون ووزان ...

-      الجهة الصحراوية : أقاليم العيون، السمارة، بوجدور، وادي الذهب، طاطا، طانطان وكلميم.

-      جهة الغرب : ولاية الرباط-سلا وأقاليم الخميسات، والقنيطرة وسيدي قاسم.

-      جهة الشاوية : ولايات الدار البيضاء الكبرى وأقاليم سطات وبن سليمان.

-      جهة دكالة تادلة : أقاليم الجديدة، خريبكة، بني ملال وأزيلال.

-      جهة تانسيفت : أقاليم مراكش-قلعة سراغنة، أسفي، الصويرة

-      جهة سوس : أقاليم أكادير، تزنيت وتارودانت.

-      الجهة الجنوبية الشرقية : أقاليم فكيك، الراشدية، وورزازات.

-      الجهة الوسطى الجنوبية- أقاليم مكناس، خنيفرة، ايفران.

-      الجهة الوسطى الشمالية : أقاليم تازة، فاس، بولمان، الحسيمة وتاونات.

ويأتي هذا الاقتراح كمحاولة في الشأن الجهوي وكتغيير عن الوعي باستفحال خطورة الاختلالات الجهوية وضرورة قيام تنمية حهوية مندمجة. وهكذا وبالاعتماد على هذا التقسيم المقترح سوف يتحقق عدة أهداف منها :

-      تحقيق على المدى المتوسط وبعد أكبر انسجام ممكن داخل الفضاء الترابي الوطني.

-      تحقيق توازن جديد في النمو الوطني الجهوي والمحلي لفائدة الجهات الأكثر فقرا خاصة في العالم القروي.في إطار إعادة تهيئة التراب الوطني وتنمية الاقتصاديات الجهوية.

-      تطوير أقطاب التنمية وكذا المدن الصغيرة والمتوسطة.     

 وتعمل الدولة على تدبير هذا التنوع تجاه الجهة تترجمها الجهوية المتباينة كالجهوية الوطنية، الجهوية الإدارية، الجهوية السياسية.[50]

 

المطلب الثاني : الحكامة الجهوية كآلية للتنمية

أصبحت الجهة منذ تأسيسها حقيقة ملموسة ومكسب مهم للديمقراطية فرغم أنها عرفت خلال المراحل التي عاشتها في ظل النظام القانوني الحالي جملة من الصعوبات البنيوية والوظيفية التي يمكن اعتبارها عادية، والمترتبة عن شح الإمكانيات والموارد المتوفرة لديها، فإنها حققت وساهمت في انجازات مهمة، بالأخص على صعيد البنية التحتية من جهة، وأصبحت منبرا وفضاء للتشاور ومدرسة للتكوين السياسي وقاطرة لتبليغ احتياجات وانشغالات الجسم الانتخابي من جهة أخرى.

وبما أنه من الصعب في الوقت الراهن تطور الجهة كنموذج تتمتع فيه الجهة باستقلال موسع وأكبر برلمان جهوي، نظرا لضعف مستوى التأطير السياسي، فان الخطاب الملكي السامي إلى المشاركين في الملتقى الوطني حول الجماعات المحلية بأكادير بتاريخ 12/12/2006 أعطى قفزة نوعية هادفة إلى دينامية نظام الجهوية الواسعة واللاتمركز الإداري ونقل مسؤولية تنفيذ السياسة  الحكومية العامة على الصعيد الجهوي إلى الولاة بصفتهم ممثلين للدولة على المستوى الترابي.

وعلى هذا الأساس فإننا نرى أن هناك توافقا سياسيا وإدارة ملكية سامية حول تفعيل الصلاحيات والسلطات المخولة للجهة.

وفي انتظار استعداد الإدارة المركزية للاتركيز الصلاحيات والموارد، وتوفر الجهة على الإمكانيات البشرية والمادية المؤهلة للقيام بالمهام المنوطة بها، فإننا نرى أنه يمكن الارتقاء بالجهة وتأهيلها لتبقى إستراتيجية التنمية وتمكينها من أداء مهامها في ظروف تضمن الفعالية وفق سياسة جهوية مندمجة عوض قطاعية كمرحلة انتقالية انطلاقا من إستراتيجية مفادها تفعيل وتطوير ما هو لدينا حاليا.

ونشير هنا بالخصوص إلى المرجعية القانونية من خلال تفعيل  آليات أتى بها القانون المنظم للجهات والتي لم تدخل بعد حيز التنفيذ كتبسيط مساطر الميزانيات، الالتزام بالنفقات وإصدار المراسيم التطبيقية والى الجانب المؤسساتي أي الجهة كجماعة محلية، وفضاء يمكن من التنسيق بين مختلف المتدخلين، وملائمة البرامج الجهوية وفق تصور مندمج وكذا القيام بمهام مراقبة تنفيذ البرامج المتفق عليها على المستوى الجهوي حتى تتمكن مؤسسة الجهة من أن تشكل قاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في ظل الحكامة الحرة، وهذا ما سنورده في فرعين :

الفرع الأول : تفعيل وتطوير القانون المنظم للجهات في ظل التدبير الجيد

الفرع الثاني : تفعيل أساليب التدبير الجديدة

 

الفرع الأول : تفعيل وتطوير القانون المنظم للجهات في ظل التدبير الجيد

-      أولا : تفعيل صندوق الموازنة المشار إليه في الفصل 66 من القانون المنظم للجهات، والذي يمون عن طريق إعانات الدولة والجهات التي تتوفر على موارد هامة ويخصص للمساهمة في تمويل نفقات تنمية الجهات التي تواجه خصاصا في مواردها.

-      ثانيا : مراجعة نظام الصرف العمومي لتشريع الانجازات مع ضمان وحدة الأمر بالصرف لصرف لصالح رئيس الجهة فيما يخص ميزانية المجالس الجهوية.

-      ثالثا : التنصيص قانونا على إلزامية إشراك رؤساء الجهات في حضور كل المجالس الإدارية على مستوى الجهات وتزويد مجالسها بالمعلومات لتمكين الجهات من الاطلاع على مختلف الأنشطة.

-      رابعا : وضع حد للتداخل في المهام والاختصاصات بين المجالس المنتخبة الجهة مجلس العمالة أو الإقليم (مجلس المدينة) الجماعات الحضرية أو القروية وذلك من خلال تحديد وتدقيق مجال تدخل كل مجلس على حدة وتكليفها بمهام مدققة ومحددة من أجل تجاوز التدخل فيها.

-      خامسا : إعطاء المجالس الجهوية صلاحيات المساهمة في وضع البرامج القطاعية على مستوى التراب الجهوي.

-      سادسا : إعطاء المجالس الجهوية صلاحية مراقبة تنفيذ المشاريع المبرمجة من طرفها.

-      سابعا : إعطاء المجالس الجهوية صلاحية مراقبة تنفيذ المشاريع المبرمجة من طرفها.

-      ثامنا : إعادة النظر في نمط اقتراع مجالس الجهات من خلال اعتماد نمط اقتراع مباشر.

-       تاسعا : تحديد مدة انتداب المكتب في ست سنوات عوض ثلاث كما هو الشأن بالنسبة لمكاتب الجماعات الحضرية والقروية.

-      عاشرا : على تطوير آليات التعاون ما بين الجهات.

كما يجب تطوير اللاتركيز وذلك من خلال :

-      أولا : تقوية اللاتركيز الإداري باعتباره الدعامة الأساسية للتنمية الجهوية واللامركزية.

-      ثانيا : توسيع صلاحيات السادة الولاة مع ضبطها وتقنينها خاصة فيما يتعلق بعلاقتهم بالسادة العمال والتنسيق بين القطاعات اللاممركزة في إطار برامج جهوية تنموية مندمجة وتنفيذا لهذه الإجراءات يجب أن يكون الوالي  أمرا بالصرف نيابة عن الوزير في تنفيذ هذه البرامج.                                                                                              

 

 

 

الفرع الثاني : تفعيل أساليب التدبير الجديدة

إن التوجه نحو المستقبل يقتضي استعمال مفاتيح هذا المستقبل وهكذا فعلى الجهة بالمغرب الاعتماد على آليات التدبير الجديدة لاسيما الحكامة (أولا)، ثم الشراكة والتعاون (ثانيا).

 

أولا : الحكامة

مفهوم الحكامة في سياقه العام ليس سوى توسع نوعي لمصطلح التدبير وهو مصطلح وضع لضمان مصداقية أفضل للأنشطة العمومية وأيضا لإعطاء بعد قيمي على ممارسة السلطة السياسية لإدارة شؤون المجتمع باتجاه تطويري وتنموي وتقدمي،[51] فالحكامة أسلوب للعمل تقوم به قيادات سياسية منتخبة وأطر إدارية ملتزمة بتطوير موارد المجتمع وبتقدم المواطنين وبتحسين نوعية رفاهيتهم وذلك برضاهم وعبر مشاركتهم ودعمهم كما أنها الطريقة التي تباشرها السلطة في إدارة موارد الدولة الاقتصادية والاجتماعية بهدف تحقيق التنمية.[52]

مفهوم الحكامة تتجاذبه مجموعة من العوامل منها اعتماد الحكامة في تدبير شؤونها لاسيما على المستوى المالي لما تعرفه الجهة من خصاص في هذا المجال وهو ما يتطلب منها اعتماد تدبير محكمة وعقلاني لمواردها على قلتها، فالحكامة أصبحت مرتبطة بمفهوم الجودة والإتقان، والحكامة المالية مدخل للحكامة الشاملة في شتى تجلياتها وتداعياتها في كل بلدان المعمور، في السياق ذاته تعد الحكامة الاقتصادية، كتنسيق داخلي لمقاولات كبيرة يهدف إلى تقليص تكاليف المعاملات التجارية، تعد مدخلا رئيسيا لتطوير الأداء الاقتصادي للجهة بالمغرب، بشكل يحولها إلى مقاولات تركز على النتائج وجودتها لمنطق للتدبير والتخطيط.

فالحكامة الاقتصادية تعتبر ركيزة أساسية للحكامة الجيدة، وكثرة المشاريع الاقتصادية تدخل الجهة في حركية اقتصادية وتنافس جهوي وطني بل ودولي وهو ما يساهم في الرفع من وتيرة تطور مسلسل الجهوية بالمغرب، ويوصل إلى الهدف المنشود وهو تحقيق تنمية شاملة ومتوازنة.

 

ثانيا : الشراكة والتعاون

لقد نص المشرع من خلال قانون 96-47 المنظم للجهة بالمغرب على إمكانية تعاون الجهة مع الدولة أو أي شخص معنوي أو خاص وذلك في سيل تحقيق التنمية، ويأتي هذا الإقرار وعيا من المشرع بأهمية التعاون والشركة في دمج الجهة داخل إطارها السمو الاقتصادي وجعلها قاصرة لجر التنمية نحو أفق أفضل.

وبالنظر إلى التكوين المتنوع للمجلس الجهوي الذي يضم ممثلي لهيئات سياسية وأخرى مهنية واقتصادية، فإن الانفتاح على القطاعات الممثلة داخل هذا المجلس يعد مساهمة ذات أولوية وهو أيضا أمر سهل.

فعلى الجهة العمل على تشجيع الاستثمار الذي يشكل أساس النمو الاقتصادي وخلق مناصب الشغل والتقدم التقني وتحسين مستوى السكان،[53] وذلك بالانفتاح على المستثمرين وإشراكهم في عملية التخطيط المستقبلي للجهة.[54]

من جانب آخر أصبح المجتمع المدني في السنوات الأخيرة ركيزة أساسية من ركائز التنمية وهو ما أصبح معه لزاما ضرورة إشراكه في مسلسل التنمية الجهوية، لما للمجتمع المدني من تراكمات عملية في مجال الأعمال التي تستجيب لحاجيات السكان.

والمجتمع المدني كشريك يسمح بخلق شراكات قابلة للتنفيذ من الناحية المادية وذلك سامونة التي تمنحها الشراكات المحلية مع الجمعيات، حيث يتم المرور عبرها لتسهيل المساطر الإدارية والمالية.

إن تجاوز خصاص الجهة على مستوى الكفاءات والأطر يقتضي الانفتاح على الجامعات والمعاهد العليا، معاهد التكوين المتخصص لتكوين الخبرات المؤهلة التي قد تحتاجها الجهة سواء لتدبير احتياجاتها أو لتوفير كفاءات تساعد على جلب الاستثمار.[55]

إن الاعتماد على آليات التدبير الحديث من شأنه دعم تدخل مسلسل التنمية في شتى المجالات وبالتالي مساهمتها بفعالية في تدعيم مسلسل التنمية بالمغرب في إطار متوازن وتحقيق الأهداف المرسومة في قانون 96-47 المنظم للجهة.

إلا أنه وقبل الخوض في مسألة اعتماد أساليب التدبير المعتمدة حاليا على مستوى دولي، فإن الأمر يقتضي قبلا إصلاحا تحوليا لوظيفة الجهة قانونيا من خلال تحديد اختصاصاتها وعقلنة طرق تدخلاتها، وهو ما يتطلب إصلاحا قانونيا شاملا لوضعية الجهة داخل النسق المحلي.

 


خــاتـمـــة

 

أعاد إعلان الملك محمد السادس في خطابه الرسمي عن تنصيب "اللجنة الاستشارية للجهوية" الحديث من جديد وبقوة حول مسألة الجهوية الموسعة بالمغرب، ويرتكز تصورها وفق رؤية السلطة العليا بالبلاد على التمسك بثوابت الأمة المتمثلة في وحدة الدولة والوطن والتراب، وعلى الالتزام بالتضامن والتوازن بين المركز والجهات. وأيضا تفادي تداخل الاختصاصات بين مختلف الجماعات المحلية والسلطات والمؤسسات.

ووفق الرؤية الرسمية، فإن ورش الجهوية الموسعة، تتمثل في إخراج جهات حقيقية وقابلة للاستمرار، وإحداث مجالس ديمقراطية لها صلاحيات واسعة وموارد من شأنها النهوض بالتنمية الجهوية المندمجة.

فخيار "الجهوية" أصبح "خيارا مجتمعيا" حقيقيا، كما أنه خيار اقتصادي واجتماعي وثقافي، يندمج في المنحى للتطور التاريخي للبلاد والذي يجعل من الفضاء الجهوي المستوى الملائم لمشروع التنمية الترابية باعتبار أن الجهة تعد فضاء انتقاليا بين المنظور الوطني وبين المتطلبات والطموحات المحلية.

والجهوية المتقدمة، لا تعني فقط تغيير الهيكل الإداري للدولة، بل تعني إعادة توزيع السلطة والثروة واتجاه ونظام فرز النخب على أسس جديدة قائمة على توسيع قاعدة المشاركة، وتعويض الشأن المحلي إلى قانون القرب، وإعادة إنتاج القرارات من القاعدة وليس من المركز.

ومن جهته، أكد الدكتور عبد العالي حامي الدين أن قرار تشكيل لجنة استشارية حول الجهوية بمثابة تدشين أساليب حديثة في الممارسة السياسية مشيرا أن هذا الأمر يتطلب الانتقال بالوضع القانوني والدستوري للجهة إلى آفاق جديدة تعبر عن إرادة التأهيل الديمقراطي الذي يعترف باختلاف المقومات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية للجهات ويمنحها الحق في تسيير شؤونها بنفسها وتدبير مواردها بواسطة هيئات منتخبة بطريقة ديمقراطية، ويساهم في التخفيف من حدة البيروقراطية والمركزية التي تعتبر من أكبر معوقات التنمية على الصعيد الوطني والمحلي.

وفي الختام، نقول بأن الجهة تشكل رهانا وعاملا حاسما في سياسة تهيئة التراب، فتحقيق أهداف السياسة الجهوية بما في ذلك تصحيح اختلال التوازنات الترابية يتطلب توفر كل جهة على حاضرة كبيرة (عاصمة الجهة) على الأقل وشبكة نشيطة للمدن من الحجم المتوسط والصغير، وواجهة على البحر.

إنه رهان تحقيق التقاطبات الجهوية كأساس لتعزيز التكامل وتطوير مسلسل اللامركزية، وتأهيل المستويات الجهوية للتهيئة، إنه واقع جديد يفرضه التطور السياسي والاقتصادي والثقافي العالمي في إطار سياسة الانفتاح وحرية السوق.

 


قـائــمــة الـمـراجــع

 

باللغـة العربيـة :

الكتـب العامـة :

*          أحمد أولحاج : "تجربة الحكم الذاتي في إسبانيا وإمكانية تطبيقها في المغرب".

*          إدريس الكراري : "الاقتصاد المغربي : التحولات والرهانات"، دار النشر المغربية، سنة 1996، ص : 60.

*          ادريس جردان : "النظام القانوني للجهة بالمغرب"، مطبعة دار سليكي إخوان للنشر، السنة الجامعية 2006-2007.

*          جورج ف-جان : "إدارة التنمية : مفهومها وأهدافها ووسائلها"، دار المعارف، 1979.

*          صالح المستف : "التطور الإداري في أفق الجهوية بالمغرب"، مطبعة نشرة الدار البيضاء، ط1989.

*          محمد اليعقوبي : "تأملات حول الديمقراطية المحلية بالمغرب"، 2006.

 

الأطروحات والرسائل الجامعية :

*          شاكر المساري : "الإدارة المحلية المغربية وتحديات الحكامة المحلية"، قراءة نقدية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، كلية الحقوق، طنجة، السنة الجامعية 2004-2005.

*          عبد القادر زادي : "التنمية الجهوية في المغرب : محاولة تقييم عامة"، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، كلية الحقوق، الرباط، 1985.

*          عبد الكبير يحيا : "تقسيم التراب بالمغرب والسياسة الجهوية : نحو اعتماد السياسة الجهوية"، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية الحقوق، طنجة، السنة الجامعية 2008-2009.

*          عبد الواحد مبعوث : "التنمية الجهوية بين عدم التركيز الإداري واللامركزية،  أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط –أكدال، السنة الجامعية 1999-2000.

*          لمياء العشيري : "تقرير عن التدريب في موضوع الإمكانات البشرية للجهة وإكراهات التنمية، نموذج جهة طنجة-تطوان، تقرير لنيل الإجازة في الحقوق، كلية الحقوق، طنجة، 2005.

*          معاد الطويل : "الدور الاقتصادي للجهات جهة طنجة-تطوان نموذجا"، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، كلية الحقوق طنجة، السنة الجامعية 2007-2008.

 

المقالات :

*          حسن الوزاني الشهدي : "الجهة أداة التطوير ودعم اللامركزية"، المجلة المغربية لقانون اقتصاد التنمية، 2000.

*          خالد الشاوي : "دور المشرع في التنمية الاقتصادية"، مجلة النمط والتعاون العربي، مجلد 9، عدد 6، سنة 1983.

*          عبد الحق المرجاني : "الجهوية في بعض الدول المتقدمة وواقعها وآفاقها في المغرب"، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، Remald، عدد مزدوج 7-8، 1994.

*          محمد اليعقوبي : "الديمقراطية الإدارية بالمغرب"، م.م.إ.ن.س، العدد 5، دجنبر 2005.

*          محمد عامر : "التقييم الجهوي بالمغرب دراسة في الإرهاصات التطور والخلفيات"، عدد 4، 25 يناير 1997.

*          محمد غربي : "مفهوم الحكم الصالح بين مثالية الخطاب الدولي وإكراهات الدولة في الجنوب"، سلسلة التدبير الاستراتيجي، عدد 6، 2004.

 

الوثائق الرسمية :

*          الظهير الشريف رقم 97.84 الصادر بتاريخ 2 أبريل 1997 المتعلق بتنظيم الجهات للمملكة.

*          الحوار الوطني لإعداد التراب،  مديرية إعداد التراب.

*          مدونة الانتخابات 1997.

*          الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى الوزير الأول في موضوع التدبير الامتمركز للاستثمار 2002.

*          مقتطف من خطاب الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش بتاريخ 30 يوليوز 2002.

*          مقررات لمجلس جهة-تطوان.

*          مذكرة جمعية الجهات المغربية مرفوعة إلى السيد وزير الداخلية بشأن إصلاحات مقترحة بخصوص الجهوية بالمغرب، 19/11/2007.

 

باللغة الفرنسية :

LES OUVRAGES :

*          Bolandier (G) : "Sociologie de développement économique et social", in Encyclopedia, Universalis, Paris, 1979.

*          Pontier (J.M) : "La région", Dalloz, 1988.

*          Rivero (J), Waline (J) : "Droit administratif", Dalloz, 16e édition, 1996.

*          Zacraoui (M) et Labhous (M) : "Cours de terminologie", Université Mohamed V, Faculté de droit et d'économie, Agdal, Rabat, 1994.

 

Les Thèses :

*          EL MERGHADI (M) : "Reproduction sociale et différenciation régionale", Thèse d'état en économie, Faculté de droit, Rabat, 1987.

Les articles :

*          Brahimi (M) : "La question régionale au Maroc", Remald, série "Thèmes actuels", 1996, n°6.

*          El Harsi (A) : "La gouvernance locale au Maroc entre la décentralisation et déconcentration", Remald, série "Thèmes actuels", n°46, 2004.

*          Mohamed El Yaakoubi : "La région en tant que nouvelles collectivités locales au Maroc", Remald, n°20-21, Juillet 2006.

*          Zouitni (H) : "Le développement local au Maroc, Mythe ou réalité ?", Revue de droit et d'économie, Fès, n°9.

 

 


الــفــهـــرس

 

تــقـديـــم 1

الفصل الأول : جهة طنجة-تطوان : بين الإمكانيات والمعيقات. 11

المبحث الأول : الإمكانيات الطبيعية والاقتصادية والاجتماعية لجهة طنجة-تطوان  12

المطلب الأول : الإمكانيات الطبيعية والبشرية لجهة طنجة-تطوان. 12

الفرع الأول : الإمكانيات الطبيعية 12

الفرع الثاني : الإمكانيات البشرية لجهة طنجة-تطوان. 16

المطلب الثاني : الإمكانيات الاقتصادية والاجتماعية لجهة طنجة-تطوان. 20

الفرع الأول : الإمكانيات الاقتصادية للجهة 20

الفرع الثاني : الإمكانيات الاجتماعية لجهة طنجة-تطوان. 23

المبحث الثاني : جهة طنجة-تطوان : بين العوائق والتحديات. 25

المطلب الأول : العوائق القانونية والبنيوية 25

الفرع الأول : العوائق القانونية 26

الفرع الثاني : العوائق البنيوية 29

المطلب الثاني : دور المتدخلون في التنمية الجهوية 31

الفرع الأول : دور مجلس جهة تطوان في التنمية 32

الفرع الثاني : دور المتدخلون في التنمية الجهوية 35

الفصـل الثانــي : الآفاق المستقبلية لجهة طنجة-تطوان. 44

المبحث الأول : تقييم حصيلة العمل بجهة طنجة-تطوان. 45

المطلب الأول : حصيلة الإيجابيات. 45

المطلب الثاني : السلبيات. 48

الفرع الأول : على المستوى الواقعي. 48

الفرع الثاني : على المستوى التشريعي. 51

أولا : إشكالية التقسيم الجهوي ورهان تحقيق التنمية 51

ثانيا : إشكالية إمارة الصرف والوصاية المشددة والمباشرة 52

ثالثا : إشكالية الاختصاصات الجهوية وتدخلها في باقي اختصاصات الجماعات المحلية 53

المبحث الثاني : اقتراحات لتجاوز عوائق العمل الجهوي. 56

المطلب الأول : التقطيع الجهوي كأداة لتحقيق التنمية المحلية 56

الفرع الأول : معايير خلق الجهات بالمغرب. 57

الفرع الثاني : بدائل التقسيم الجهوي الحالي. 59

المطلب الثاني : الحكامة الجهوية كآلية للتنمية 61

الفرع الأول : تفعيل وتطوير القانون المنظم للجهات في ظل التدبير الجيد 63

الفرع الثاني : تفعيل أساليب التدبير الجديدة 65

أولا : الحكامة 65

ثانيا : الشراكة والتعاون. 66

خــاتـمـــة 69

قـائــمــة الـمـراجــع 71

الــفــهـــرس.. 76

 



[1] أحمد بيوخي : "تطور وآفاق التخطيط الجهوي"، رسالة السلك العادي، المدرسة الوطنية للإدارة العمومية، 1997، ص : 2.

[2] الظهير الشريف رقم 97.84 الصادر بتاريخ 2 أبريل 1997 المتعلق بتنظيم الجهات للمملكة.

[3] عبد الحق المرجاني : "الجهوية في بعض الدول المتقدمة وواقعها وآفاقها في المغرب"، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، Remald، عدد مزدوج 7-8، 1994، ص : 75.

[4] صالح المستف : "التطور الإداري في أفق الجهوية بالمغرب"، مطبعة نشرة الدار البيضاء، ط1989، ص : 272.

[5] أنظر بهذا الصدد :

Pontier (J.M) : "La région", Dalloz, 1988, p : 12.

[6] Pontier (J.M) : op.cit, p : 12.

[7] صالح المستف : مرجع سابق، ص : 62.

[8] عبد القادر زادي : "التنمية الجهوية في المغرب : محاولة تقييم عامة"، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، كلية الحقوق، الرباط، 1985، ص : 62.

[9] صالح المستف : م.س، ص : 19.

[10] أنظر بهذا الصدد :

Pontier (J.M) : op.cit, p : 12.

[11] لتحديد علاقة التنمية بالمجال الترابي، راجع :

EL MERGHADI (M) : "Reproduction sociale et différenciation régionale", Thèse d'état en économie, Faculté de droit, Rabat, 1987, p : 5, 7.

[12] عبد القادر زادي : م.س، ص : 61.

[13] خالد الشاوي : "دور المشرع في التنمية الاقتصادية"، مجلة النمط والتعاون العربي، مجلد 9، عدد 6، سنة 1983، ص : 75.

[14] مجلة العمل العربية، التنمية ومشتقاتها، عدد 16، السنة 2، نونبر 1975، ص : 117.

أنظر أيضا :

Bolandier (G) : "Sociologie de développement économique et social", in Encyclopedia, Universalis, Paris, 1979, p : 507-510.

[15] جورج ف-جان : "إدارة التنمية : مفهومها وأهدافها ووسائلها"، دار المعارف، 1979، ص : 12.

[16] Zacraoui (M) et Labhous (M) : "Cours de terminologie", Université Mohamed V, Faculté de droit et d'économie, Agdal, Rabat, 1994, p : 40.

[17] Zouitni (H) : "Le développement local au Maroc, Mythe ou réalité ?", Revue de droit et d'économie, Fès, n°9, p : 266.

[18] Zouitni (H) : op.cit, p : 267-271.

[19] Zouitni (H) : op.cit, p : 269.

[20] عبد الواحد مبعوث : "التنمية الجهوية بين عدم التركيز الإداري واللامركزية،  أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط –أكدال، السنة الجامعية 1999-2000، ص : 300.

 

[21] الحوار الوطني لإعداد التراب، مديرية إعداد التراب، ص : 11.

[22] لمياء العشيري : "تقرير عن التدريب في موضوع الإمكانات البشرية للجهة وإكراهات التنمية، نموذج جهة طنجة-تطوان، كلية الحقوق، طنجة، ص : 38-39.

[23] لمياء العشيري : مرجع سابق، ص : 40-41.

[24] حسن الوزاني الشهدي : "الجهة أداة التطوير ودعم اللامركزية"، المجلة المغربية لقانون اقتصاد التنمية، 2000، ص : 21.

[25] ن.م.س، ص : 21.

[26] Mohamed El Yaakoubi : "La région en tant que nouvelles collectivités locales au Maroc", Remald, n°20-21, Juillet 2006.

[27] معاد الطويل : "الدور الاقتصادي للجهات جهة طنجة-تطوان نموذجا"، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، كلية الحقوق طنجة، السنة الجامعية 2007-2008، ص : 22-25.

[28] حسن الوزاني الشاهدي : مرجع سابق، ص : 23.

[29] El Harsi (A) : "La gouvernance locale au Maroc entre la décentralisation et déconcentration", Remald, série "Thèmes actuels", n°46, 2004, p :69.

[30] صالح المستف : م.س، ص : 147.

[31] راجع المادة 47 من مدونة الانتخابات.

[32] Rivero (J), Waline (J) : "Droit administratif", Dalloz, 16e édition, 1996, p : 355.

[33] Brahimi (M) : "La question régionale au Maroc", Remald, série "Thèmes actuels", 1996, n°6, p : 45.

[34] محمد اليعقوبي : "الديمقراطية الإدارية بالمغرب"، م.م.إ.ن.س، العدد 5، دجنبر 2004، ص:78.

[35] شاكر المساري : "الإدارة المحلية المغربية وتحديات الحكامة المحلية"، قراءة نقدية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، كلية الحقوق، طنجة، السنة الجامعية 2004-2005، ص : 44.

[36] ن.م.س، ص : 44.

[37] الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى الوزير الأول في موضوع التدبير اللامتمركز للاستثمار.

[38] الجريدة الرسمية عدد 4970 بتاريخ 17/01/2002، ص : 75.

[39] أنظر الخطاب الملكي السالف الذكر.

[40] مقتطف من خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش، بتاريخ 30 يوليوز 2002.

[41] خلال الاجتماع الذي عقد بالرباط في 20 يونيو 1996.

[42] المملكة المغربية، الوزر الأول، "المحاور الإستراتيجية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للعمالات والأقاليم الشمالية بالمملكة"، وكالة تنمية أقاليم الشمال لسنة 1997.

[43] من خلال القراءة التالية للقانون، لا يتضح لنا بالتحديد من هي "السلطات المختصة"، هل هي السلطات المركزية بمختلف فروعها ؟ أم يمكن لنا حاليا بعد صدور قانون التنظيم الجهوي، أن نكيف هذا المقتضى لصالح هيئات الجهة، بحكم أن هذه الأخيرة هي صاحبة الاختصاص الترابي؟

[44] وتشير الفقرة الأخيرة هاته، إلى إمكانية مساهمة الوكالة في تهيئة منطقة معنية وتجهيزها بناءا على طلب من الحكومة أو الجماعات المحلية وهيئاتها.. وهذا تبرز إمكانية التعاون والشراكة، مع العلم أن المادة الثانية "حددت نطاق تدخل الوكالة في كافة الجماعات الحضرية والقروية لعمالات وأقاليم طنجة وتطوان وشفشاون والعرائش والحسيمة والناظور وتاونات وتازة ووجدة وبركان وتاوريرت".

[45] عناصر تمهيدية الصادرة عن وزارة إعداد التراب الوطني والماء والبيئة.

[46] محمد عامر : "التقييم الجهوي بالمغرب دراسة في الإرهاصات التطور والخلفيات"، عدد 4، 25 يناير 1997، ص : 102.

[47] عبد الواحد مبعوث : "التنموية الجهوية بين عدم التركيز الإداري واللامركزي"، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، 1999-2000، ص : 316.

[48] ورد في وثيقة مشروع التقسيم الجهوي المذكور أعلاه.

[49] عبد الكبير يحيا : "تقسيم التراب بالمغرب والسياسة الجهوية : نحو اعتماد السياسة الجهوية"، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية الحقوق، طنجة، السنة الجامعية 2008-2009، ص : 198.

[50] ادريس جردان : "النظام القانوني للجهة بالمغرب"، مطبعة دار سليكي إخوان للنشر، السنة الجامعية 2006-2007، ص : 11-13.

[51] جريدة الاتحاد الاشتراكي، مرجع سابق، ص : 9.

[52] محمد غربي : "مفهوم الحكم الصالح بين مثالية الخطاب الدولي وإكراهات الدولة في الجنوب"، سلسلة التدبير الاستراتيجي، عدد 6، 2004، ص : 11.

[53] محمد الرشيدي : مرجع سابق، ص : 77.

[54] مذكرة جمعية الجهات المغربية مرفوعة إلى السيد وزير الداخلية بشأن إصلاحات مقترحة بخصوص الجهوية بالمغرب.

[55] الاتحاد الاشتراكي، المؤتمر الجهوي الأول لجهة الرباط-سلا-زمور-زعير، الرباط 28-29، أبريل 2006، ص : 30.

ليست هناك تعليقات