Page Nav

الهيدر

Grid

GRID_STYLE

اخبار عاجلة

latest

علاقة النخب بالأعيان وإشكالية فرض الذات

علاقة النخب بالأعيان وإشكالية فرض الذات الباحث : العثماني العاقل  باحث بسلك الدكتوراه  جامعة عبد المالك السعدي يشكل موضوع عل...


علاقة النخب بالأعيان وإشكالية فرض الذات


الباحث : العثماني العاقل 
باحث بسلك الدكتوراه 
جامعة عبد المالك السعدي
يشكل موضوع علاقة النخب بالأعيان ودورهما في رسم معالم سياسة تنموية محلية حقيقية ومندمجة، واحد من المواضيع الشائكة التي القت بظلالها على الحياة السياسية في المغرب مند الاستقلال، حيث لا زالت هاته العلاقة المتشنجة التي يطبعها صراع اثبات الذات هي المسيطرة والمهيمنة على الواقع السياسي المغربي، دون أن تكون لهاته السيطرة والهيمنة انعكاسات ايجابية يمكن استثمارها في مجالات التنمية المحلية،  فعلى العكس من ذلك ظهر  في كثير من النماذج أن العلاقة المتشنجة التي تجمع النخب بالأعيان كانت السبب الرئيسي في احداث شروخ وانقسامات أدت في الأخير الى تعطيل تحقيق الأهداف المرجوة سواء كانت هاته الأهداف ذات علاقة مباشرة بمصالح المواطنين اليومية او بتفعيل وتنزيل السياسات المحلية، وهو ما أدى في الأخير الى انتاج اوضاع اجتماعية تطلبت الكثير من المقاربات الاستعجالية.
من هم الأعيان ومن هم النخب؟
أجمعت عدة دراسات التي تناولت مفهومي الأعيان والنخب، على ان مفهوم الأعيان يغلب عليه العامل العائلي القبلي العشائري والتاريخي، حيث يكتسب الشخص ضمن نسق ونمط معين رمزية خاصة داخل محيطه وهو ما يجعله شخصية مثؤثرة، حيث تتسابق الكثير من الأحزاب السياسية على كسب وده ودعمه لها في اكتساح مناطق نفوذه، بينما يستغل ذلك لزيادة نفوذه وتأثير وهو ما يفسره الكثيرون بالعلاقة الاقتصادية "رابح رابح"، فالشخص المتمتع بالنفوذ عندما تزداد الجهات السياسية التي تريد أن تكسب وده يكسب دعم اضافي بينما تكسب الأحزاب منافذ سياسية جديدة.
 بينما أظهرت دراسات أخرى أن مفهوم النخب على عكس من ذلك تماما، فهو مفهوم يغلب عليه الطابع الشخصي، بحيث ان الشخص الذي يدخل دائرة النخبة هو الشخص الذي يفرض نفسه بديناميته وتفاعله المستمر مع المشهد السياسي وامتلاكه للأدوات اللازمة لذلك وهو ما يجعله رقما صعبا وعاملا مؤثرا في المشهد السياسي.
وهناك نماذج لفاعلين في المشهد السياسي حاولوا الجمع بين المفهومين في شخص واحد، وهم أبناء الأعيان تمكنوا من الحصول على تكوينات عالية في المجال، حيث استغلوا توفرهم على الإمكانيات المادية اللازمة للقيام بذلك إلا أن محاولات الكثير منهم باءت بالفشل لعدة اعتبارات أهمها انهم كانوا ملزمين بتحمل ارث ما تركه آباؤهم في الساحة السياسية.
كيف ينظر الفاعلين في المشهد السياسي لمفهومي الأعيان والنخب؟
تختلف نظرة الفاعلين في المشهد السياسي بالمغرب لمفهومي "الأعيان والنخب"، باختلاف واقع الممارسة والخلفيات النظرية التي تؤطر تأويلاتهم لأدوار هاتين الفئتين، فظاهريا يدافع الفاعلين في المشهد السياسي بالمغرب على اختلافهم باستماتة على مفهوم انتاج النخب،  لما لهذا المفهوم من وقع كبير على المشهد السياسي، ويعتبرون مسألة أن يتصدر النخب الواجهة أمرا ضرورية للقطيعة مع كل ممارسات الماضي التي طبعها الأعيان والتي أنتجت وضعا ومشهدا سياسيا رديئا وسلبية بكل المقاييس.
 كما يعتبرون أن الرهان اليوم يجب أن يكون على النخب لما لهم من تأثير على المشهد السياسي وامتلاكهم لوسائل وإمكانات مهمة تجيب عن الكثير من التساؤلات التي تطرحها الظرفية السياسية بالمغرب، وأن استمرار الأعيان في تصدر المشهد السياسي يعتبر بمثابة سطو على الحياة السياسية.
ان الدفاع المستميت للفاعلين السياسيين على مفهوم النخب وترجيح كافته على مفهوم الأعيان واعتباره الخيار الأرجح تكذبه المؤشرات التي يزخر بها المشهد السياسي في المغرب، حيث يتأكد من خلال الاستحقاقات الانتخابية للجماعات الترابية التي شهدها المغرب سنة 2015، والانتخابات التشريعية التي أجريت يوم 7 أكتوبر الماضي أن حديث الفاعلين السياسيين عن مفهوم النخب لا يعدو أن يكون حماسة زائدة وأن الأعيان لا زالوا هم المتحكمون في زمام ألأمور وأن التغيير المنشود في التعاطي مع مفهوم النخب لا زال حبيس الوثائق وأرضيات المؤتمرات الحزبية، وأن تفكير الفاعلين السياسيين ينصب دائما حول تصدر المشهد السياسي بما توفر من وسائل واليات وان الأعيان هم من يوفرون هاته الوسائل والآليات لما لهم من تأثير ورمزية في محيطهم، بينما يفقد مفهوم النخب قوته لافتقاده للوسائل والإمكانات المتوفرة لدى الأعيان، خصوصا وأن الأعيان يستمدون قوته في استمالة الناس من نسبة الأمية في الأوساط الفقيرة واستعماله لخطابات بسيطة تجيب عن انتظارات أنية ومحدودة لن يكون بوسع النخب الالتزام بها.
وهنا يتأكد أن العلاقة الجدلية بين مفهومي الأعيان والنخب هي علاقة غير قابلة للفصل أو التجزيء وان هيمنة هذا المفهوم أو ذاك مسألة غير ممكنة، حيث أن للأعيان رمزية خاصة وتأثير في الساحة السياسية، بينما للنخب دور أساسي في تحقيق الدينامية المطلوبة وأن المزج بين المفهومين وحده الكفيل بتجاوز كل ما من شأنه أن يعيق تحقيق الأهداف المرجوة وأن الصراع الذي يطغى على المشهد السياسي والذي يرجح كافة هدا المفهوم عن ذاك لا يمكنه في أي حال من الأحوال أن يخدم العملية السياسية والتنموية في شئ.  

ليست هناك تعليقات