Page Nav

الهيدر

Grid

GRID_STYLE

اخبار عاجلة

latest

النقاش العمومي حول تعديل مدونة الاسرة المغربية

  النقاش العمومي حول تعديل مدونة الاسرة لقد شكلت مدونة الأحوال الشخصية بالمغرب المرجع الأساسي لبناء الأسرة وتأطير العلاقة الزوجية وتحصينها...


 النقاش العمومي حول تعديل مدونة الاسرة



لقد شكلت مدونة الأحوال الشخصية بالمغرب المرجع الأساسي لبناء الأسرة وتأطير العلاقة الزوجية وتحصينها، ضمانا لاستمرارية الاسرة ومساهمتها الفعلية في استقرار المجتمع، حيث صمدت هذه المدونة طويلا في وجه مطالب التعديل والملائمة مع التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي عرفها المغرب مند الاستقلال، فمند سنة 1957 الى غاية سنة 1993، ظلت مدونة الأحوال الشخصية دون تغيير، رغم أن هذا الجمود كان له أثار سلبية على النهوض بحقوق المرأة وتبوؤها لمكانتها الطبيعية داخل المجتمع وضمان حقوق الأطفال وصون كرامة الرجل، حيث ستشكل سنة 2004، بداية لمرحلة جديدة عنوانها الانتقال من مدونة الأحوال الشخصية الى مدونة الأسرة، بمرتكزاتها الثلاث:

1-   النهوض بحقوق المرأة

2-   النهوض بحقوق الطفل

3-   تحقيق كرامة الرجل

كما أن اختيار اسم "مدونة الأسرة"، لم يكن محض صدفة كما شرحه الدليل العلمي الذي أصدرته وزارة العدل، حيث أن الهدف الأساسي من هذا الاختيار يتمثل في إضفاء الطابع المؤسساتي للأسرة وما يترتب عن ذلك من مقاصد اجتماعية واقتصادية، والتي تقتضي تحمل جميع افراد المؤسسة الأسرية لجميع التكاليف والاعباء لتحقيق الاستمرارية.

وبعد مرور قرابة عقدين على دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ، وتنزيل مقتضياتها على أرض الواقع، بات ضروريا اليوم القيام بمراجعة لهذه المقتضيات وتعديلها وملائمتها مع المتطلبات الأساسية للأسرة المغربية، خصوصا في ظل زيادة مساهمة المرأة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية وتبوؤها لأدوار ومسؤوليات مهمة داخل المجتمع، وتأثر مؤسسة الأسرة ببعض المقتضيات واستعمالها من هذا الطرف أو ذاك لإخضاع الأخر بعيدا عن مقاصدها وأهدافها، حيث رافق اعلان مشروع تعديل مدونة الأسرة بالمغرب، نقاش التموقع الى جانب هذا الطرف أو ذاك، حيث كانت منصات التواصل الاجتماعي مسرحا لهذا النقاش المحتدم، غير أن اللافت في هذا التدافع بخصوص بنود مدونة الأسرة، كون أغلب هذه النقاشات والأفكار قاربت الجانب الاقتصادي في العلاقة الزوجية، خصوصا في حالة ما اذا قرر الزوجين الطلاق، فأغلب المدونين المشاهير من أساتذة ومؤثرين على شبكة التواصل الاجتماعي، سارعوا مند الساعات الأولى لإعلان مشروع تعديل مدونة الأسرة، لتحليل الأثار الاقتصادية لهذا التعديل والتركيز على واقعة الطلاق باعتبارها نتيجة حتمية للعلاقة الزوجية وأنها استثمار مربح للمرأة على حساب الرجل، حيث حظيت مسألة نسبة المرأة من مداخيل الرجل في حالة الطلاق بحصة الأسد من هذا النقاش الدائر، فحسب العديد من المتتبعين، فالتمكين الاقتصادي للمرأة على حساب الرجل في حالة الطلاق، سيكون عامل مشجع على اتخاذ هذا القرار دون التفكير في الآثار النفسية والاجتماعية لمؤسسة الاسرة، ومن هذا المنطلق، فالزواج ليس مؤسسة بنكية أو بورصة أو استثمار عقاري، وانما رابطة أسرية تقتضي المساهمة الفعلية لجميع لأفراد هذه المؤسسة لضمان استمراريتها، فهما  وصل مستوى توتر العلاقات الزوجية وصعوبة مواصلة العيش المشترك للزوجين، فيستحيل التفكير بمنطق الربح والخسارة المادية، رغم أن هذا المعطى يظل حاضرا لاعتبارات ترتبط بعوامل اجتماعية أخرى كمستوى تمدرس المرأة وتحملها مسؤولية حضانة الأطفال التابعات الاقتصادية والاجتماعية لهذه المسؤولية.

كما أن للطلاق أثار اجتماعية ونفسية عميقة على مؤسسة الأسرة، خصوصا الأطفال، حيث ينتج عن قرار الطلاق ظواهر اجتماعية تنخر المجتمع، كظاهرة التسول وانحراف الأطفال والسرقة والتعاطي للممنوعات وزواج القاصرات، مما يكون له الأثار السلبية على ميزانية الدولة، حيث تصبح الدولة ملزمة بسن قوانين استعجالية وبرامج آنية لمواكبة هذه الظواهر والعمل على تقليصها، وطبعا هذه السياسات والبرامج تتطلب اعتمادات مالية وبشرية مهمة، خصوصا تحويل هذه الاعتمادات من مشاريع تنموية مبتكرة الى برامج وسياسات يكون البلد في غنى عنها.

وعليه، وانطلاقا مما ذكرنا، فانه من الواجب في الوقت الراهن، تركيز النقاش حول الدور التنموي لمدونة الأسرة ومساهماتها في تحقيق الاستقرار الاسري والاجتماعي والاقتصادي، فارتباطات فصول هذه المدونة بتحملات السياسات العمومية، يقتضي بالضرورة البحث عن مخارج تنموية كفيلة بالحد من التكلفة الاجتماعية والاقتصادية الكبيرة التي تتحملها مؤسسات الدولة.  

ليست هناك تعليقات