Page Nav

الهيدر

Grid

GRID_STYLE

اخبار عاجلة

latest

عندما تصبح العفاريت و التماسيح أحزاب وطنية

بقلم : عبد العزيز عبيدوش باحث في المجال القانوني و السياسي " لا توجد في السياسة صداقة دائمة و لا عداوة دائمة هناك مصال...



بقلم : عبد العزيز عبيدوش
باحث في المجال القانوني و السياسي

" لا توجد في السياسة صداقة دائمة و لا عداوة دائمة هناك مصالح دائمة "
لا يمكن لأي متتبع للشأن السياسي المغربي خصوصا بعد التحولات الجديدة التي خلفها قرار المجلس الوطني لحزب الاستقلال بالانسحاب من الائتلاف الحكومي ، إلا أن يقف منبهرا و مستغربا في الان نفسه و متسائلا متى تنتهي هذه المسرحية السياسية ؟                                                       
ليس بعد ، المسرحية في جزءها الثاني توشك أن تبدأ فصولها الجديدة بشخصيات سياسية جديدة تتزعم احزاب سياسية توصف بأنها أحزاب إدارية و احزاب الباطرونا و كبار الأغنياء الذين لا رابط إيديولوجي بينهم و لا تصور سياسي لديهم بكل ما تعنيه الكلمة من معنى .                                 
دخول رئيس التجمع الوطني للأحرار لإتمام و ترميم الاغلبية الحكومية ، و في هذا الظرف العصيب الذي تعيشه البلاد سياسيا و اقتصاديا ،و ما يعيشه بن كيران نفسه بحيث قطع الشريان الحيوي لأغلبيته و للتجربة الإسلامية للحكومة الإخوانية التي اجهضت في مصر بإنقلاب عسكري اذانه البعض و باركه البعض ، ينبأ بأن حزب صلاح الدين مزوار مرسول لملأ الفراغ الذي احدته قرار المجلس الوطني لحزب الاستقلال بالانسحاب من الحكومة و الإصطفاف بجانب المعارضة  و بالتالي لعب دور           " الجوكير" و ما أدراك ما الجوكير  و قيمة الجوكير في هذا الظرف العصيب من عمر الحكومة  الملتحية .                                                 
حزب العدالة و التنمية أعلن مند أول خروج إعلامي لرئيسه عن منهجيته في مكافحة الفساد و الاستبداد من خلال اعتماد المبدأ الشهير  " عفا الله عما سلف " و رئيس حزب الحمامة  يدخل في هذا السياق ، بل إن أحد القيادات البارزة في الحزب الحاكم قال أن " حزب التجمع الوطني للأحرار مرشح جدي لتكوين أغلبية جدية " و من تم  نقول هنيئا للحزب و رئيسه مزوار فقد حصل على صك الغفران و الصلاح نسبة إلى رئيسه صلاح الدين ، على حد قول أحد الباحثين " فعندما يصلح الدين فكل شيء متاح بما في دلك تحرير القدس كما فعل صلاح الدين الايوبي ، كناية على إنقاذ الحكومة الغارقة حتى الأذنين ، و ملئ الفراغ الكبير الذي خافه قرار حزب الاستقلال في هذه الظرفية التي اقل ما يمكن القول أنها تنبأ بسكتة قلبية في نسختها الثانية .                                                                               
جل المتتبعين للوضع السياسي الحالي يجمعون على أنه وضع يعيش فوضى و عبث لا نظير له في التجارب السابقة، و يصيب الإنسان العادي ب " صداع الرأس " و تختلط عليه الأمور بشكل تجهله يطرح التساؤلات بصيغة التعجب التالية:                                                                     
كيف يسمح حزب العدالة و التنمية لنفسه بأن يستحمر المغاربة و يحتقر ذكاءهم بالبحث عن حل لأزمة الأغلبية الحكومية لدى حزب قال فيه بن كيران ما لم يقله مالك في الخمر ؟                                
كيف يمكن لحزب العدالة و التنمية أن يناقض مبادئه التي عليها أسس حملته الانتخابية  و لو بالإشارة و المجاملة أن يستنجد بحمامة مزوار و هو الذي قال فيه بن كيران بمدينة سلا أنه " ما فيدوش " و انه جاء على ظهر ذبابة لرئاسة حزب التجمع الوطني للأحرار و أن المغاربة لا يثقون فيه بالمطلق ؟             
أين هي مخالب صقور العدالة و التنمية  و تصريحاتها  حول التعويضات الخيالية و تبادل الإكراميات المشبوهة بين مزوار ( وزير المالية في الحكومة السابقة) و نور الدين بن سودة ( الخازن العام للمملكة)؟                                                                                                       
كيف أصبح حزب التجمع الوطني للأحرار حزبا وطنيا و جديا و صالحا لترميم التجربة الحكومية الحالية ، بعدما كان بالأمس القريب حرب " ما فيدوش" و مهزوز سياسيا و حزب يشكل تجمعا للباطرونا و العفاريت و التماسيح ؟ بل و اصبح التحالف معه جائز و ممكن شرعا و تقتضيه المصلحة العليا للوطن ؟                                                                                                  
كيف يمكن لرجالات حزب العدالة و التنمية الإسلامي أن تقبل بالزواج من عاهرة و ستحاضره فيما بعد في الشرف عاجلا أم أجلا ؟                                                                                  
مع كل هذا العبث و الفوضى التي يعيشها الوضع  السياسي و الحزبي المغربي ، تبقي حمامة مزوار طردا ملغوما ما دام أنه في السياسة ليست هناك كلمة  " لا للرفض" و إنما هناك مفاوضات ، و ليست هناك هدايا  ، هناك  " البيزنس السياسي " و المصلحة الدائمة و لكل شيء ثمن يجب أن يدفع و الجميع  يبتغي الربح و يخشى الخسارة .                                                                              
بانضمام حزب التجمع الوطني للأحرار  لترميم الأغلبية الحكومية ،  لن يزيد الوضع السياسي المغربي إلا تعقيدا و تكريسا لسياسة " عفا الله عما سلف " و الكيل بمكيالين و البرغماتية و الانتهازية السياسية .
إنه الاستثناء المغربي في أبهى صوره ،إنه بؤس السياسة و السياسيين بكل أبعاده و تجلياته ، إنه القتل البطيء للسياسة بمعناها الشريف و النبيل و الحاملة لقيم النزاهة و الشفافية ، و التي كانت فيها الأحزاب بالفعل مشتل و مدرسة لإنتاج النخب الفكرية و التدبيرية القادرة على قيادة قاطرة التنمية نحو غد أفضل .  

ليست هناك تعليقات