Page Nav

الهيدر

Grid

GRID_STYLE

اخبار عاجلة

latest

من يتآمر على المغرب؟

من يتأمر على المغرب؟ ع.العاقل باحث بسلك الدكتوراه البريد الإليكتروني droit.arab@gmail.com لقد شكل المغرب خلال السنوات الأخيرة هدف...


من يتأمر على المغرب؟

ع.العاقل
باحث بسلك الدكتوراه
البريد الإليكتروني droit.arab@gmail.com
لقد شكل المغرب خلال السنوات الأخيرة هدفا استراتيجيا لمجموعة من الجهات التي ترمي الى زعزعة استقراره وكسر استثنائه في المنطقة العربية، بعدما لم تنل منه رياح التغير التي شهدتها هذه المنطقة، ففي ظل الحروب والأزمات السياسية التي شهدها الشرق الأوسط وشمال افريقيا، استطاع المغرب أن يشكل الاستثناء في المنطقة وأن يقطع اشواط هامة في  مسلسل الانتقال الديمقراطي الذي أسس له مند حكومة التناوب سنة 1997، مرورا بمجموعة من الاصلاحات السياسية والاقتصادية والإجتماعية.
وقد شكل خطاب 9 مارس من سنة 2011، بمناسبة الاعلان عن الاستفا الدستوري محطة تاريخية في تكريس التغيير على الطريقة المغربية، وهو الأمر الذي  لم يستسغه الكثيرون وخاصة أولئك  الذين كانوا يترصدون عثرات الدولة المغربية، يترصدون ما ستسفر عنه الحركات الاحتجاجية التي جابت عدد من الشوارع والمدن، التي طالبت باصلاحات اجتماعية واقتصادية،  الا أن ظن المتربصون قد خاب، وعادوا يجرون أذيال الهزيمة على أمل أن تتاح لهم مستقبلا فرصة الاصطياد في الماء العكر.
فالحركات الاحتجاجية التي شهدتها عدد من المدن والقرى المغربية في السنوات الأخيرة، شكلت اضافة نوعية  من أجل مضي المغرب قدما في تنزيل البرامج والاستراتيجيات التي تتماشى وصلب المطالب الاجتماعية خصوصا منها في مجال الصحة والتعليم والتشغيل،  استطاع المغرب بذلك أن ينوع من سياساته التنموية ويجعلها نموذجا قائمة الذات محليا ودوليا، بالإضافة الى اقدامه على مبادرات وشراكات استراتيجية مع عدد من الدول الكبرى، حيث أن هذا ألأمر أزعج كثيرا دول الجوار، خصوصا منها الجزائر  واسبانيا والاتحاد الأوربي بدرجة ثانيا، حيث يظهر أن المغرب شرع في سحب بساط الزعامة الإفريقية من تحت أقدام مصر والجزائر، في حين تجاوز ابرام شراكات تقليدية مع دول الاتحاد الأوربي التي  كانت تعتبر المغرب حديقة خلفية وزبونها الأول بالمنطقة، الا أن اقدام المغرب على خطوات جريئة في علاقته بدول كبرى على غرار الصين وروسيا والهند، جعل أطماع دول الجوار  تذهب ادراج الرياح، بل وأصبح المغرب يكبد الاتحاد الأوربي خسائر اقتصادية فادحة نتيجة استغنائه عن خدمات كثير من شركاته وتعويضها بشركات دول أخرى على غرار الشركات التركية.
بالإضافة الى ذلك فهناك قوى أخرى تترصد النموذج التنموي المغربي في المنطقة، حيث أنه وعلى الرغم انه لا يتوفر على الاكتفاء الذاتي من النفط والغاز الا أنه خلق متاعب كثيرة لبعض الدول، وأصبح مواطنوها يتساءلون كيف أن بلدا مثل المغرب، بثروات بترولية منعدمة استطاع أن يحقق طفرة اقتصادية مهمة، في حين أن دولهم تتوفر على احتياطيات كبرى من النفط والغاز دون أن ينعكس ذلك على حياتهم اليومية، وهو ما جعل هذه الدول في حرج كبير امام مواطنها وأمام المجتمع الدولي لتبرير هذه الفوارق الصارخة.
كما أننا نعيش في منطقة موضوع وهدف لاستراتيجيات طويلة الأمد، ولسنا امام تكتيكات ظرفية محدودة، ولكم أن تأخذوا فلسطين نموذجا لتعرفوا أن ما تتعرض له المنطقة العربية ليس وليد اليوم وانما موضوع تخطيط محكم لسنوات خلت، كما ينضاف الى ذلك النموذج السوداني، حيث تم تقسيم السودان الى دولتين، واليوم هناك نماذج أخرى بدأت تتبلور منها النموذج السوري والنموذج اليمني الى غير ذلك من النماذج التي خطت بشأنها استراتيجيات وسياسات عميقة لتقسيمها على أسس عرقية واثنية ودينية وكل طريق أو نافذة تؤدي الى الاختلاف الا وتم استغلالها أبشع استغلال.
 وإذا ركزنا على التفاصيل والمتغيرات والتبس علينا الأمر بين ما هو استراتيجي وما هو ظرفي يمكنا ان نستعين بمقال للأستاذ المصطفى المعتصم والذي نشر بجريدة “المساء "” تحت  عنوان “جنرال وخريطة” تطرق فيه إلى  محاضرة ألقاها في 2013 عاموس يادلين رئيس الاستخبارات الحربية الإسرائيلية السابق ونقلتها القناتين السابعة والعاشرة الإسرائيليتين، قال فيها إن :”شعبة الاستخبارات العسكرية نجحت في تصعيد الاضطراب والتوترات الاجتماعية والطائفية في الأماكن التي تعمل فيها وخاصة مصر، لقد أحدثت تل أبيب سلسلة من الاختراقات على الصعيد السياسي والاستخباراتي والاقتصادي في عدد كبير من المواقع، وتفوقنا في تأجيج حالات التوتر والاحتقان الطائفي ونظيره الاجتماعي لخلق بيئة متحاربة ومتوترة على الدوام ومنشطرة إلى أكثر من جزء، وذلك بهدف تجذير وتعميق حالة الانهيار داخل المجتمع المصري، ولكي يفشل أي نظام حكم بعد نظام مبارك في التعامل مع الانقسام والتخلف والضعف المستشري بالبلاد”.
 كما جاء في المحاضرة أيضا أن “تل أبيب لديها عديد من العملاء في بعض الدول العربية وعلى رأسها مصر وسوريا واليمن والسودان علاوة على دول شمال إفريقيا”.
ويضيف رئيس الاستخبارات الحربية الإسرائيلية السابق: “أما في شمال إفريقيا، فقد تقدمنا إلى الأمام كثيراً في نشر شبكات جمع المعلومات في كل من ليبيا وتونس والجزائر والمغرب، والتي أصبح فيها كل شيء في متناول أيدينا، وهي قادرة على التأثير السلبي أو الإيجابي في مجمل أمور هذه البلاد، في السياسة والاقتصاد أو حتى المشهد الاجتماعي”.
لم يكن هذا التصريح منفردا فلقد عاد عاموس يادلين  ليقول بعد ذلك بوضوح إن الموساد لديها أزيد من 300 عميل في المغرب وأنه بإمكان إسرائيل زعزعة أمن المملكة المغربية.
ان ما رفعه المشاركون في حراك الحسيمة مند انطلاقته قبل حوالي ستة أشهر من مطالب اجتماعية واقتصادية، تفاعلت معها القوى الحية في البلاد بإيجابية وتفاعل معها المسؤولون بكل ما يتطلبه الأمر من جدية، حيث لمست الساكنة الشروع الفعلي في انجاز عدد من المشاريع التنموية، والتي همت بالأساس البنيات التحية الأساسية وبعض المرافق الاجتماعية والإدارية وتقديم الدعم  اللازم لجمعيات المجتمع المدني حتى تضطلع بدورها في التنمية المحلية، حيث قبل تفاعل مؤسسات الدولة بشكل إيجابي مع الحراك، بتعنت من ينصبون أنفسهم زعماء، ولم تعد المطالب اجتماعية ولا اقتصادية ، بل  في كل مرة يغيرون بوصلة مطالبهم 180 درجة، حتى يفهم أنه لم يتم الاستجابة لها، وهو تكتيك مدروس  يهدف الى إنهاك قدرات الدولة في البحث عن حلول ناجعة للمشاكل والصعوبات التي طرحتها الساكنة من خلال اللقاءات التي جمعت عدد من المسؤولين بعدد من جمعيات المجتمع المدني والفاعلين المحليين.
ان البحث في ثنايا التكتيكات المعتمدة من قبل متزعمي الحراك، وتدبيره ضمن نسق معين، وطيلة سبعة أشهر من الزمان، يطرح أكثر من سؤال، خصوصا حول الجهة التي يمكن أن تكون وراء تنظيم ودعم الفئة القليلة التي تتزعم الحراك.
ان الجميع اليوم مقتنع أن التحول الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي يشهده المغرب، أصبح يزعج الكثير من الدول التي لا تستطيع مسايرة هذا الإيقاع، خصوصا فيما يتعلق بالمجهودات والمبادرات التي قام بها المغرب في علاقته بالدول الكبرى أو بالقارة الإفريقية، حيث قام جلالة الملك بزيارة عدد من الدول الصديقة والشقيقة، منها على الخصوص روسيا والهند وعدد من الدول الافريقية، كما أعطى جلالته الانطلاقة لعدد من المشاريع الاقتصادية والاجتماعية، حيث يشكل خط النفط الذي سيرابط بين المغرب ونيجيريا أحد أكبر الاستثمارات المغربية بالمنطقة، كما لا يخفي على أحد أهمية المشاريع والاستثمارات الأخرى على غرار ميناء طنجة المتوسط، وشركة رونو نيسان وشركة بوجو ومناطق صناعية إضافية بكل من طنجة، القنيطرة، الدار البيضاء، الحسيمة ومدن أخرى.
وزاد من قلق الجيران الشراكة الاستراتيجية للمغرب مع الصين، حيث أعطيت الانطلاقة لإنشاء مدينة صناعية جديدة ستستقطب أكثر من 500 معمل صيني جديد وهو ما سيوفر فرص شغل هامة لفائدة الشباب.
كما أنه وبالإضافة الى الشراكات الاستراتيجية التي عقدها المغرب مع دول كبرى، عمل المغرب أيضا على إعطاء الانطلاقة لعدد من البرامج التنموية الاستراتيجية، والتي رصد لها استثمارات ضخمة، حيث همت بالأساس البنيات التحتية الأساسية وتأهيل المدن وبعض المناطق التي تعاني نقص حاد في الخدمات الأساسية.
 وهكذا أعطى الملمك محمد السادس الانطلاقة لبرنامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية سنة 2005، وبرامج تنموية أخرى على غرار برنامج طنجة الكبرى سنة 2013، برنامج الحسيمة منارة المتوسط وبرنامج تنمية المناطق الجنوبية من المملكة وبرنامج تأهيل مدينة الدار البيضاء، برنامج تأهيل ضفتي أبير رقراق وبرامج تنموية أخرى يتم اعدادها في هذا الصدد.
يجمع الكثيرون أن كل هذه البرامج والاعتمادات المالية التي رصدت لتنفيذها تبقى غير كافية للاستجابة لتطلعات مختلف المدن والقرى والمناطق التي تعاني من عدد من الإشكالات والاكراهات المرتبطة بالتنمية المحلية والتي تبقى في جزء كبير منها من اختصاص المنتخبين المحليين والجماعات الترابية المعنية والتي تنتخب بشكل مباشر من طرف الساكنة.

وهكذا، يظهر جليا أنه كلما قام المغرب بخطوة في اتجاه اعتماد سياسات وبرامج تنموية للتغلب على بعض المشاكل المتراكمة، الا ويجد أن هناك من يعاكس إرادته في بناء نموذجه التنموي، حيث يعتبر المتربصون أن ذلك سيشكل خطرا على مصالحهم الإقليمية والداخلية، الأمر الذي يربكهم ويدفعهم الى نهج سياسات استباقية الهدف منها افشال النموذج التنموي المغربي، وهو الأمر الذي اثبته عدد من الوقائع والأحداث التي شهدها المغرب كلما أراد بلورة استراتيجية أو سياسة أو مقاربة تنموية معينة.

ليست هناك تعليقات