Page Nav

الهيدر

Grid

GRID_STYLE

اخبار عاجلة

latest

التدبير الاقتصادي للجماعات المحلية بالمغرب la gestion économique des collectivités locales

التدبير الاقتصادي للجماعات المحلية بالمغرب المطلب الأول: الدولة بين مركزية الأنشطة الإدارية ومبدأ حرية التجارة والصناعة من الم...


التدبير الاقتصادي للجماعات المحلية بالمغرب

المطلب الأول:
الدولة بين مركزية الأنشطة الإدارية ومبدأ حرية التجارة والصناعة

من المبادئ الأساسية التي قامت عليها الفلسفة الليبرالية الكلاسيكية، مبدأ الدولة الحارسة أو الدولة الدركي. ويفيد هذا المبدأ بأن الدولة بكل تجلياتها لا تتدخل إلا في أمور محددة من أمن ودفاع وقضاء، لتترك تدبير باقي المرافق الأخرى للقطاع الخاص وذلك استنادا إلى المبدأ المعروف عند الليبراليين أمثال جون لوك وجون جاك روسو بمبدأ حرية التجارة والصناعة الذي يقضي بترك المبادرة الخاصة للقطاع الخاص دون مساس بأدنى قواعد المنافسة. ويرجع جذور هذا المبدأ بفرنسا إلى القانون رقم 2 الصادر بتاريخ 17 مارس 1791 الذي يقضي بعدم جواز تدخل الدولة والجماعات المحلية إلا في الحالات التي لا تؤدي إلى الاختلال بشروط المنافسة وحرية المبادرة الخاصة.
غير أن هذا المبدأ عرف بدوره تطورا مهما ساهمت فيه بروز ظروف ومعطيات جديدة ارتبطت أساسا بالتحولات الاقتصادية والسياسية التي شهدتها الدول الرأسمالية آنذاك. فبعدما كان مبدأ حرية التجارة والصناعة محصنا في إطار التحريم الشامل (الفقرة الأولى)، أصبح التعامل مع هذا المبدأ فيما بعد يتسم بنوع من المرونة، وذلك بعد إدخال استثناءات على تطبيقه(الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: المبادرة الخاصة: المبدأ المحصن
من المؤكد أن الديمقراطية الكلاسيكية هي ليبرالية وفردية لا تسمح للدولة بالتدخل في الميدان الاقتصادي مادامت الحريات الاقتصادية هي ركيزة الحريات السياسية [1]
فإذا كانت النظرة إلى السلطات العمومية آنذاك بأنها وحدة مثالية متعالية على الأفراد وسلطة استبدادية يجب أن تظل بعيدة عن تسيير الشؤون الاقتصادية، فإن القطاع الخاص هو الذي يملء هذا الفراغ عن طريق التدخلات الاقتصادية في مختلف المجالات عن طريق إنشاء وتدبير المرافق العمومية. وقد كرس موقف مجلس الدولة الفرنسي هذه الوضعية [2] حيث حاول أن يحمي هذا المبدأ وجعله من المبادئ ذات القيمة الدستورية. وقد أورد مجلس الدولة ثلاث مبررات لتحصين مبدأ حرية التجارة والصناعة:
1- يخضع كل الفاعلين الاقتصاديين لنفس المخاطر كالإفلاس . وبما أن الجماعات المحلية لا يمكنها-بالنظر إلى طبيعتها- أن تخضع للإفلاس، فإن تدخلها سوف يؤدي إلى الإخلال بلعبة المنافسة؛
2- إن نظام المساعدات العمومية يخل بدوره بقواعد المنافسة الحرة بين الفاعلين الاقتصاديين؛
3- من الضروري حماية الجماعات المحلية وتدبير ميزانيتها ضد مخاطر المالية التي قد تسببها لها ممارستها لأنشطة تجارية وصناعية.
إن هذا التوجه الذي سلكه مجلس الدولة الفرنسي كان له صدى بالغ في حماية حرية المبادرة وعدم الإخلال بقواعد المنافسة، وهو ما أخذ به الفقهاء القانونيون ورجال القضاء بصفة عامة وفي مقدمتهم مفوض الحكومة روميو Romeo من خلال استنتاجاته الشهيرة في سنة 1901 حول مخبزة مدينة بوتيي  « Poitiers » حيث أكد  » أن المجالس الجماعية لا يمكن لها مبدئيا أن تمارس تجارة أو صناعة لسببين: الأول أن ذلك يشكل خرقا للنظام الاقتصادي لحرية التجارة والصناعة وحرية المنافسة، فالمشرع وحده هو المختص بتعديله؛ السبب الثاني: أنه من المجازفة تحميل مالية الجماعات المحلية أنشطة مقامرة  «  [3]  . 
إلا أن مبررات مبدأ حرية التجارة والصناعة الذي ساد خلال فترة اعتبرت غير قصيرة، بدأت تتلاشى شيئا فشيئا، نظرا للظروف العالمية المرتبطة بالحربين العالميتين الأولى والثانية وكذا الأزمات الاقتصادية [4]، علاوة على ظهور مذهب اشتراكي تزامن مع الثورة السفياتية، الشيء الذي دفع مجلس الدولة الفرنسي إلى التراجع وإدخال مرونة على هذا المبدأ محاولا تكييفه مع التحولات الاقتصادية والسياسية الجديدة.
الفقرة الثانية: المفهوم الجديد لمبدأ حرية التجارة والصناعة  
كما أشرنا إلى ذلك سابقا، فإن المستجدات التي شهدها العالم في العقود الأولى من القرن الماضي كان لها الأثر البالغ في تحرير مبدأ حرية التجارة والصناعة، وكذا ظهور ما يسمى  » بالاشتراكية البلدية socialisme municipal  » « . وفي هذا الإطار يمكن رصد مرحلتين لتطور الاجتهاد القضائي الفرنسي: المرحلة الأولى التي اقترنت بظهور الرأسمالية الصناعية خلال الفترة الممتدة بين نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وكذا بزوغ الفكر الاشتراكي، حيث كان مجلس الدولة صارما في تعامله مع تدخلات الجماعات إلا في الحالات الاستثنائية المقترنة بوجود نص قانوني كمرسوم 5 نوفمبر 1926      الذي أعطى للجماعات المحلية عن طريق الترخيص إمكانية استغلال مرافق عامة ذات طبيعة صناعية وتجارية، وكذا مرسوم 20 ماي 1955 الذي نص على أن تدخل الجماعات المحلية في الميدان الاقتصادي والاجتماعي يعد شرعيا لكن في حالات ووفق شروط محددة.
إلا أن هذا الترخيص المسبق الذي أقره مجلس الدولة الفرنسي سوف يتم الاستغناء عنه في المرحلة الثانية ليعطي إمكانيات مهمة للجماعات المحلية في التدخلات الاقتصادية، لكن يبقى لها طابع الاستثنائية والتي يمكن إجمالها فيما يلي:
1- إذا كان المرفق العام الذي تنشئه الجماعة يكون نوعا من الاحتكار الواقعي خاصة إذا كان تشغيله يستلزم استغلالا للملك العمومي (مثال ذلك، المرفق العام للنقل بواسطة التزام والمرفق الخاص بتوزيع الماء والكهرباء)؛
2- إذا كان الهدف من وراء هذا التدخل هو تحقيق غرض من أغراض الشرطة الإدارية بإنشاء إشارات المرور بغرض تنظيم مرفق المرور؛
3- إذا كانت هناك ظروف استثنائية تفرض ضرورة التدخل [5].
إلا أن مجلس الدولة الفرنسي ربط هذا التدخل بوجود شرطين أساسيين وهما:
1- الظروف الخاصة [6] التي يبررها انعدام أو ضعف القطاع الخاص؛
2- المصلحة العامة: مفاد هذا الشرط أنه لا يجوز للجماعات المحلية أن تتدخل في الميدان الاقتصادي إلا إذا كان هدفها هو تحقيق المصلحة العامة وليس تحقيق مصلحة خاصة والحصول على الأرباح.
وتبعا لذلك سارعت الإدارة إلى توسيع مفهوم المصلحة العامة لتبرير تدخلاتها الاقتصادية تحت طائلة ضعف المبادرة الخاصة وأحيانا انعدامها وذلك تحت غطاء المصلحة الاقتصادية [7] .
كما عمد الاجتهاد القضائي في مرحلة لاحقة إلى توسيع هذه الاستثناءات، فقام بتليين مفهوم عجز المبادرة الخاصة والتي لم تعد تقتصر على الجانب الكمي فقط، بل حتى الكيفي وذلك بالحصول على خدمات بثمن أقل وشروط ملائمة. وكذلك تطوير مفهوم المرفق ومظاهره ليشمل تحسين نوعية المرفق (الرياضة، الترفيه، المناطق الخضراء...).
وإذا كانت هذه الوضعية تسري على الدول الغربية بالخصوص، فإن الأمر يختلف عند الدول النامية التي كانت تعاني جلها من ويلات الاستعمار وما يتبعه من نتائج على المستوى السياسي من تبعية الدولة المستعمرة، وهو ما ينطبق كذلك على الميدان الاقتصادي الذي كان بدوره يعاني من التبعية وغياب القطاع الخاص.
إن انتقال الدولة من الدولة الحارسة إلى الدولة التدخلية [8] افرز عدة معطيات جديدة تدخل كلها في دائرة اتساع القطاع العام، وذلك بالهيمنة على ميادين كانت إلى وقت قريب من صميم تدخل القطاع الخاص. بل الأكثر من ذلك فالدولة لم تقتصر تدخلاتها على الأوراش الكبرى التي تتطلب أموالا ضخمة، وإمكانيات كبيرة يعجز الأفراد على تسديدها، بل تعدى ذلك إلى المجالات التي كانت حكرا على الأفراد، مما زاد من عدد مرافقها واتساعها وخلق فروع جديدة إلى درجة أن أصبحت معها الدولة ممركزة سياسيا واقتصاديا.
إلا أن هذه المرحلة لم تدم لفترة طويلة جدا، بل سرعان ما اضمحلت لظروف سياسية واقتصادية جديدة، ابتدأت منذ السبعينات والثمانينات لتصل أوجها بعد انهيار المعسكر الاشتراكي ودخول العالم خانة القطب الواحد.
ولم تقف هذه التحولات عند هذا الحد، بل كانت لتجليات العولمة واتفاقيات التبادل الحر والانخراط في التجمعات والتكتلات الدولية الأثر البالغ في تحول هياكل الدولة ووظيفتها، وذلك من الدولة المتدخلة إلى ما أصبح يعرف الآن "بالدولة الأدنى" Etat minimal " وهو ما سنتناوله في المطلب الثاني.
       المطلب الثاني: من الدولة التدخلية إلى دولة التخلي
يستوجب التطرق إلى هذا الموضوع مقاربته من زاويتين: الزاوية الأولى سياسية إدارية والثانية اقتصادية تنموية. فالحديث عن مركزية الأنشطة الإدارية في السابق تحكمت فيه عدة ظروف سياسية اقترنت بقوة الدولة بصفتها حامية حقوق وحريات الأفراد وكوحدة مثالية متعالية عن المواطنين. غير أن تطور الزمن بين أن هذا التصور غير صحيح، لأن المركزية الإدارية والسياسية تعاني من عدة عيوب كالبطء والروتين الإداريين [9]، وكذا غياب الجودة والفعالية في الخدمات التي تقدمها.
وقد فرض تجاوز هذه الوضعية على الدولة التفكير مليا في وسائل أخرى للتدبير في إطار ما اصطلح عليه بالحكامة الجيدة، هذه الحكامة التي تتوخى تحقيق الجودة، والفعالية، والتعامل بالشفافية، وتحقيق سياسة القرب [10]. وتحقيقا لذلك، فقد قامت الدولة بتفويت البعض من اختصاصاتها الإدارية لممثليها في الوحدات الترابية من أجل تدبير الشؤون المحلية تدبيرا محليا دون الرجوع إلى السلطة المركزية الكائنة في العاصمة. لذا فقد تم التوجه نحو تقوية ما يسمى باللاتركيز الإداري، وذلك بالموازاة مع أخد الدولة بالنظام اللامركزي الذي يساهم بدوره بشكل كبير في تخفيف العبء الإداري على الدولة (الفقرة الأولى). كما أن تخلي الدولة عن وظائفها التقليدية لم يشمل فقط المجال الإداري، بل حتى بعض المجالات الاقتصادية، إذ ان تفاقم إشكالية تدبير الشأن العام الوطني والمحلي وما ينتج عنه من ارتفاع حجم النفقات العمومية والعجز المتكرر في الميزانية واتساع حجم القطاع العام جعلت الدولة تتخلى عن جزء من وظائفها لفائدة الجماعات المحلية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: نحو تجديد العلاقة بين الدولة وباقي الجماعات العمومية
كما يفيد هذا العنوان، فإن هياكل الدولة في تجدد مستمر، ووظائفها خاضعة دائما لتحولات كبرى في الزمان والمكان، وانسجاما مع التغيرات الداخلية والخارجية، مقترنة بتطور المجتمع وتفتحه ومدى القضاء على الفقر وتقليص الأمية وانتشار الديمقراطية المحلية ومشاركة المواطنين في اتخاذ القرار وبناء المؤسسات الإدارية والسياسية. كما أن قوة الدولة لم تعد مرتبطة بمركزيتها ولكن بمدى انفتاحها [11]. ولا يمكن أن يتم هذا الانفتاح إلا بإعادة توزيع الاختصاصات بين الدولة وباقي الجماعات العمومية، تارة عن طريق المصالح اللامتمركزة على المستوى الوطني، وتارة أخرى بواسطة أنشطة الجماعات المحلية.
فبالنسبة للمستوى الأول لا يمكن لأحد أن يتجاهل الدور الذي تقوم به المصالح الخارجية للوزارات في تقديم الخدمات للمواطنين، وهذا الدور لا يمكن تصوره كعملية تقنية -لا أكثر ولا أقل- في تسيير أمور معينة وفي دائرة ترابية محددة، بقدر ما هي نتيجة لتطور سياسي واقتصادي وثقافي كبير، ينتج عنه تخلي السلطة المركزية عن بعض وظائفها لفائدة ممثليها في مختلف ربوع البلاد. وفي هذا الصدد لا يمكن النظر إلى هذا التوزيع الوظيفي الكائن بين الدولة مصالحها اللاممركزة على كونه هدفا في حد ذاته، بل وسيلة من وسائل الرفع من التدبير الإداري للوصول إلى ما يسمى » بالجودة الإدارية  «  [12]
إن انتشار البطء والتعقيد الإداريين، وتزايد البيروقراطية وتفشي الرشوة في الإدارة واعتبار الإدارة كعقبة في وجه النمو الاقتصادي والاجتماعي [13] لا يمكن أن يحد منها إلا بتطبيق نظام إداري حديث يستند على نظام الحكامة الجيدة، وذلك بالتنازل التدريجي للدولة عن بعض وظائفها لفائدة الإدارات الترابية المحلية قصد الوصول إلى تحقيق ما يسمى  » بإدارة القرب  « وما يطلق عليه كذلك  » بالإدارة المواطنة  «  ، هاته الإدارة التي تضع مصالح المواطن فوق كل اعتبار وليس العكس.
بل الأكثر من ذلك يساعد هذا الأسلوب على إمكانية اتخاذ المبادرات وتشجيع الابتكارات. كما يساهم من الانتقال من   الإدارة » المسيطرة  «  إلى الإدارة "المسؤولة" [14] الشيء الذي يفيد القدرة في اتخاذ القرار في جو من الثقة داخل التراتبية الإدارية، ويسمح بتسهيل الحوار والرفع من فعالية المؤسسات. فهذه المحددات تمكن من استبدال نظام التسيير عبر الوسائل والمساطر إلى نظام التسيير عبر الأهداف [15]، وبالتالي إمكانية اتخاذ قرارات مستعجلة عن طريق التفويض، تمليها الضرورة المحلية دون الرجوع إلى السلطة المركزية وذلك اختصارا للإجراءات وسرعة في البث واقتصادا للجهد والنفقات من جهة، والتخفيف من أعباء المرتفقين من جهة أخرى دون انتقالهم إلى العاصمة.
إن التطرق لإعادة دور الدولة عبر سن نظام غير متمركز، لا ينبغي أن يكون أفقيا فقط، أي مرتبط بالمركز باعتباره هو المصدر وصاحب الاختصاصات الأصلية، بل يجب أن ينظر كذلك إلى هذا المفهوم باعتباره مدخلا رئيسا ومهما لنظام إداري آخر لا يقل أهمية ولا دورا بل يزيد عليه وهو نظام اللامركزية الذي يتميز عن النظام الأول بالشخصية المعنوية والاستقلال الإداري والمالي وكذا على مستوى التمثيلية على خلاف اللاتركيز الذي يتم بالتعين. ودون الغوص أكثر في هذه المفاهيم، لا يجب أن يدرك من ذلك أن هناك صراع بين النظامين، بل العكس تماما إنهما أسلوبان متكاملان لبعضهما البعض قاسمهما المشترك هو إشباع حاجيات الأفراد.
وفي هذا الصدد لم يخرج المغرب عن هذه المنظومة العامة التي تتركز على الإنتقال التدريجي من التدبير المركزي إلى التدبير غير الممركز والمنفتح، يمكننا هنا أن نورد خطاب المرحوم له جلالة الملك الحسن الثاني بمناسبة أشغال المناظرة الوطنية السابعة للجماعات المحلية سنة 1998 حيث قال  » اللاتمركز هو المفتاح الذي يمكن فتح باب التمتع باللامركزية على مصراعيه، فاللامركزية هي الميدان واللاتمركز هو الوسيلة   ويجب أن يسود الوزارات والإدارات « .
كما نجد نفس التوجه قائما عند جلالة الملك محمد السادس حيث أكد جلالته  » إن اللامركزية لا يمكن أن تحقق الأهداف المتوخاة منها إلا إذا واكبها مسلسل عدم التركيز الذي يقضي بنقل اختصاصات الإدارة المركزية إلى مندوبيها المحليين  «  [16] .
وبصفة عامة [17]، يمكن القول أنه سواء بالنسبة لنظام اللاممركز أو النظام اللامركزي، فإن الدولة قامت بتفويت عدة اختصاصات لفائدة الفاعلين المحليين. ويندرج هذا ضمن منظور كبير لإعادة هيكلة الدولة وتجددها، وهو ما يتبين لنا من خلال الهياكل الجديدة للوزارات التي تحاول التقليص من مصالحها الإدارية عبر الحد من كثرة المديريات والأقسام والمصالح وكذا تجميع المصالح الخارجية وهذا كله لتقليص التدخلات والحد من النفقات العمومية.
غير أن تطور علاقة الدولة وباقي الجماعات الترابية الأخرى لم تكن فقط ضمن المستوى السياسي الإداري، بل حتى على مستوى الاقتصادي، إذ تخلت الدولة كثيرا عن وظائفها وتدخلاتها. في مقابل ذلك برزت الجماعات المحلية كقطب فعال وفضاء مهم للتدبير الاقتصادي، وهذا ما يتبين لنا من خلال الاختصاصات الممنوحة لها وكذا الوسائل المعطاة لها، هذا في الوقت الذي يشهد فيه العالم تحولات كبرى طغت عليها العولمة بكل مظاهرها سيما العولمة الاقتصادية.
الفقرة الثانية: التدبير الاقتصادي بين تدخل الدولة وانفتاحها
كان المجال الاقتصادي إلى وقت قريب حكرا على الدولة. فبعد الاستقلال عمل المغرب على إرساء مرتكزات اقتصاد عصري كإقامة مؤسسات اقتصادية ذات مصداقية واعتماد عملة سليمة، وسياسة ضريبية ناجحة، وآليات تابعة للسياسات المالية والنقدية وذلك في إطار تضخم متحكم فيه، وتشريع ملائم ونظام مالي متين ونسيج للمقاولات الصغرى والمتوسطة، ونواة صلبة لمجموعات مقاولاتية تقوم بدور القاطرة للاقتصاد الوطني [18].
وبالرغم من هذه المجهودات، لم يستطع الاقتصاد الوطني أن يحقق نسبة نمو مرتفعة، بل على العكس تماما، فقد ظلت نسبة النمو منخفضة جدا، وذلك نتيجة عدة عوامل، منها ارتباط الاقتصاد الوطني بالقطاع الفلاحي الذي يظل رهين التحولات المناخية، إضافة إلى ضعف القطاع الصناعي، وقلة المقاولات المحدثة وصعوبة الحصول على القروض، واختلالات الميزانية، وتدخلات الدولة التي تعيق حرية السوق، وارتفاع نفقات التسيير العمومية، وإشكالية الصحراء والمديونية الخارجية. فكل هاته العوامل وغيرها جعلت المغرب يدخل في تجربة التقويم الهيكلي ابتداء من سنة 1984، وذلك تحت ضغط المؤسسات الدولية. وقد كانت لهاته الخطوة انعكاسات سلبية خاصة على المستوى الاجتماعي، الشيء الذي دفع نحو وعي جديد بضرورة التفكير بإعادة دور الدولة في مجالات الإنتاج وتسيير المرافق العمومية [19] .
وتبعا لذلك، فقدت الدولة جزءا هاما من صلاحياتها وامتداداتها. وهكذا استأثرت الجماعات المحلية بجزء هام من تدبير الشأن العام المحلي، وخصوصا جانب التدبير الاقتصادي، وهذا ما نلاحظه من خلال الوظائف التي تتوفر عليها سواء الوظائف الذاتية أو التي حولتها الدولة إليها أو الاختصاصات الاستشارية.
كما تم التخلي عن جل المؤسسات والمقاولات الصناعية في إطار نهج سياسة الخوصصة، هذا في الوقت التي تطغي على العالم سيادة العولمة والاتفاقيات الكبرى للتبادل الحر.
أولا: جدلية الجماعات المحلية والدولة
ليس المقصود بهذا العنوان أن هناك صراع وتصادم بين الدولة والجماعات المحلية، وإنما معنى ذلك هو إعادة تـوزيع الاختصاصـات فيما بينهم. فمن المؤكـد أن » كل حركة أو تحول في اللامركزية تأثيرات على إدارة الدولة «  [20] . فالتحول الذي لحق بالنظام المؤسساتي في معظم الدول، ارتبط بالتحولات التي أصابت مفهوم الدولة نفسها. فمن الدولة الحارسة إلى الدولة المتدخلة ثم المتراجعة انتهاء إلى الدولة الأدنى، هناك العديد من المراحل التاريخية يتدخل فيها السياسي بالاقتصادي لتفرز لنا معطيات مهمة وجديدة في نفس الآن، تصب كلها في خانة تنامي دور اللامركزية الإدارية والاقتصادية في مقابل تراجع الدولة "الهارمة أوالمشيخة" [21].
إن تنامي دور الشأن العام المحلي في الآونة الأخيرة لخير دليل على الدور الجديد الذي تلعبه الجماعات المحلية على أكثر من مستوى، حيث أن هذه الأخيرة تجاوزت الإطار العام الذي كان مرصودا لها، وهو لعب دور المنشط الإداري المحض، إلى لعب دور الفاعل النشيط في العمليات الاقتصادية، والمساهم الأساسي في النسيج الاقتصادي المحلي مستغلة في ذلك توفرها على موارد مهمة من قبل الضرائب والرسوم والأملاك أو التي تأتيها عن طريق الدولة كبعض الضرائب الوطنية مثل الضريبة على القيمة المضافة أو ناتج عن الضريبة العامة على الدخل أو نصيب من الضريبة على الشركات، هذا إضافة إلى القروض.
وبالموازاة مع ذلك، فإن الجماعات المحلية تتوفر على طاقم بشري مهم يتدخل في كافة المستويات (المالية، الثقافية، التسيير، البيئة...الخ)، إضافة إلى مجالس الجماعات التي تعتبر فضاء مهما للنقاش والحوار وبلورة الاستراتيجيات.
ولم تكن لتبلغ الجماعات المحلية هذا الدور، لولا تدخل جهات خارجية كصندوق النقد الدولي، والبنك العالمي وبعض الهيئات العالمية الأخرى من خلال التقارير الصادرة عنها والتي تحث الدولة على إشراك فاعلين اقتصاديين آخرين في عمليات التدبير الاقتصادي، وعلى رأسهم الجماعات المحلية، إلى جانب القطاع الخاص والمؤسسات العمومية والمجتمع المدني.
وفي هذا الإطار يمكن الإشارة إلى الأدوار التي تقوم بها الجماعات المحلية على مستوى أوروبا الغربية في مجال التدخلات الاقتصادية. ويمكن الاستشهاد على ذلك بجماعات  » الل ا ندرس Landers   «  الألمانية التي تغطي بنسب عالية جد ا عدة حاجيات البلد، منها الطاقة والغاز وغاز التدفئة ، (كما سنرى ذلك لاحقا).
كما أن الجهات في ايطاليا استأثرت باختصاصات مهمة، وذلك بمقتضى دستور 1948. ونفس الشيء يقال عن اسبانيا الذي أحدثت جماعات مستقلة في إطار شبه فيديرالي وذلك بموجب دستور 1978 . ولم تخرج الدول الإسكندنافية عن هذا المنحى حين حولت الدولة اختصاصات مهمة لفائدة الجماعات المحلية، على غرار النموذج الفرنسي مع قانون 2 مارس 1982 [22]، والإصلاحات التي تلتها.
ولم يخرج المغرب بدوره عن هذا الاتجاه العام، حيث قامت الدولة عبر مراحل وبطريقة تدريجية بمنح اختصاصات جد مهمة لفائدة جماعاتها المحلية، وهذا ما شهدناه مع ظهير 30 شتنبر 1976 وقانون 78.00 الخاص بالجماعات الحضرية والقروية، وكذا قانون 79.00 المتعلق بالعمالات والأقاليم، ثم قانون 47/96 الخاص بالجهات. وبذلك أصبحت الجماعات المحلية بالمغرب تقوم بتدبير الشأن العام المحلي تدبيرا شموليا، يشمل جل القطاعات-عدا السياسية- كالقطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والرياضية ومجال التشغيل والتعمير.
ثانيا: تأثير الخوصصة على الدولة
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وما نتج عنها من انهيار اقتصاديات الدول الغربية، قامت هذه الأخيرة في اتجاه بناء قطاع عمومي قوي قادر على توفير الخدمات الضرورية لإشباع حاجيات المواطنين. وكان من النتائج المباشرة لهذا التوسع في دور القطاع العام ارتفاع النفقات العمومية وارتفاع الضغط الجبائي وتعاظم المؤسسات العمومية التي تشرف عليها الدولة، ومن هنا برزت بعض الظواهر السلبية للتدبير العمومي [23] .
وبصفة عامة يمكن حصر تلك الظواهر السلبية لهيمنة القطاع العام في النقط الثلاثة:

1- تزايد التكاليف العمومية؛
2- تفاقم النظام الضريبي؛
3- أزمة في تسيير القطاع العام.
بالنسبة للنقطة الأولى: ارتبطت زيادة النفقات العمومية بالتوجهات الجديدة التي سادت العالم في النصف الثاني من القرن 20، حيث كانت للحرب العالمية الثانية أثر بالغ على اقتصاديات الدول الغربية التي انهارت كليا مما دفعها إلى محاولة بناء اقتصاد قوي يقوم على أساس خلق مرافق عمومية بمختلف أنواعها من أجل تلبية حاجيات السكان. وقد عزز هذا التوجه ظهور الفكر الاشتراكي في العديد من الدول الإشتراكية الذي يدعو إلى تدخل الدولة وذلك تحقيقا للعدالة الاجتماعية.
ومن جهتها فإن الدول النامية، ونظرا لحداثة عهدها بالاستقلال، فقد كان اقتصادها يعاني من التبعية التامة للدول المستعمرة. وللخروج من هذه الوضعية فقد قامت تلك الدول بنهج سياسة التأميم وخلق مقاولات وشركات عمومية.
وبطبيعة الحال، فإن إنشاء اقتصاد عمومي قوي يتطلب أموالا كثيرة ويحتاج إلى وسائل مادية وبشرية جد مهمة، الشيء الذي يكلف عبئا كبيرا على الدولة إلى درجة أن أصبحت معها نفقات التسيير تهيمن على ميزانية الدولة.
ويمكن إعطاء مثال على تعاظم امدادات الدولة من المساعدات لبعض الهيئات العمومية أن المغرب في الفترة المتراوحة بين 1973 و1977 بلغت إعاناته للمؤسسات العمومية 5.7 مليار درهم أي ما يعادل 38.3 % من مجموع الاستثمارات المنجزة [24].
فيما يتعلق بالنقطة الثانية: من الطبيعي، أن الدولة التي تقوم بخلق قطاع عام مهم عن طريق إنشاء مؤسسات عمومية بمختلف أنواعها وامتداداتها، تحتاج إلى أموال كبيرة لتغطية تلك النفقات. وفي هذا الإطار فإن الدولة غالبا ما تلجئ إلى فرض ضرائب عدة منها ما هو مباشر كالضريبة على الشركات والضريبة المهنية ومنها ما هو غير مباشر كالضريبة على القيمة المضافة، ومنها ما هو وطني كالضريبة العامة على الدخل ومنها ما هو محلي كالضريبة على الملاهي والضريبة على البناء.
فهذا الكم والكيف من الضرائب لا شك وأنه يثقل كاهل المواطنين من جهة والمستثمرين من جهة أخرى، مما يساهم في التهرب الضريبي.
أما النقطة الثالثة التي تتعلق بأزمة تسير القطاع العام: في هذا الصدد يمكن القول بأن الأزمة التي يعانيها القطاع العام ترجع إلى أخطاء في الإدارة وخلل في الهياكل، وعدم تحديد المسؤوليات تحديدا دقيقا، والخلط بين المهام والمراقبة، وعدم ملائمة قواعد المحاسبة لأوضاع الإدارة وسوء تطبيقها من قبل من عهد إليهم ذلك [25].
وإذا أضفنا إلى ذلك انتشار البيروقراطية وتفشي الرشوة وغياب تنافسية حقيقية من شأنها تأهيل الاقتصاد الوطني، فكل هاته العوامل جعلت من الخوصصة[26] أحد الحلول المثالية لهذه الإشكاليات.
وفي هذا الصدد أقدمت عدة دول كالولايات المتحدة وغالبية الدول الغربية على بعض الإجراءات المهمة كالحد من النفقات العمومية وكذا الموظفين وذلك عن طريق تفويت مؤسسات القطاع العام ذات الطابع التجاري والصناعي للقطاع الخاص، هذا الأخير ما لبث أن أصبح يلعب دور تدريجي وتصاعدي في المجال الاقتصادي، إضافة إلى أهميته في جلب التكنولوجية الحديثة.
بالإضافة إلى هذا، فإن للإصلاح الضريبي والجبائي - الوطني والمحلي - ، أثرا بالغ في تحفيز الاستثمار وخلق المبادرة الخاصة والتشجيع على الابتكار والتنافسية . وهذا التوجه نحو الإصلاح الضريبي بدأ في الدول الغربية، وامتد بعد ذلك إلى الدول النامية من بينها المغرب الذي شهد بدوره عدة خطوات في هذا الاتجاه [27].
أما فيما يخص أزمة تسيير القطاع العام، فهناك توجه ذو طابع حديث في مجال إعادة النظر في دور الدولة وأدوات تدخلها وهو ما يتجسد في البحث عن طرق فعالة في تس ي ير الشأن الاقتصادي. ومن هذا المنطلق برز ما يسمى بالتدبير العمومي الاقتصادي للاستجابة لهذه المعطيات وذلك عبر الاستعانة ببعض أدوات التدبير المستعملة في القطاع الخاص كالتدبير، الجودة، ومعايير الأداء والمحاسبة التحليلية [28] .
في هذا الصدد يمكن اعتبار الخوصصة كإجراء مهم من شأنه إعادة النظر في وظيفة الدولة. فإذا كانت اللامركزية -كما أسلفنا الذكر - أخذت على عاتقها تدبير الشأن العام المحلي، فإن سياسة الخوصصة ساهمت في نقل الشأن العام الاقتصادي من الدولة إلى القطاع الخاص، ويندرج هذا في إطار إعادة هيكلة الدولة في اتجاه ما يسمى حاليا بالدولة الأدنى التي سوف تعرف حدودا أكثر مع وجود التكتلات الدولية الحالية ودخول عصر العولمة.
ثالثا: الدولة والعولمة  
أحدثت العولمة تغييرات كبيرة ومهمة على مستوى الدولة . فالدولة بالمفهوم التقليدي للكلمة أصبحت متجاوزة، ومن ثمة برزت مفاهيم سياسية واقتصادية ومذهبية وكذا أسس وقيم جديدة تختلف كثيرا عن المفاهيم السابقة. فحتى مفهوم السيادة أصبح متجاوزا بفعل التطور الهائل لوسائل الاتصال والمواصلات وانتشار الأجهزة الرقمية. كما أصبح مفهوم حقوق الإنسان معطى عالمي يتم التعامل معه في المنتظمات الدولية وليس داخل الدولة الواحدة فقط.
ودون الخوض في المفاهيم الكثيرة والمتعددة للعولمة، فإنه يمكن تعريفها ب  » ترابط المصالح الاقتصادية للدول اعتمادا على بعضها البعض من أجل توسيع وترويج تبادل البضائع والخدمات، وتنشيط الحركة الدولية لرؤوس الأموال وكذا تسريع انتشار التقنيات الحديثة فيما بينها « [29] . وبالرجوع إلى الجذور التاريخية لمفهوم العولمة، نجد أنها ظهرت في أواسط الثمانينات. بل إن قاموس أكسفورد  للكلمات الانجليزية الجديدة أشار لمفهوم العولمة للمرة الأولى عام 1991، واصفا إياها بأنها من الكلمات الجديدة التي برزت خلال التسعينيات [30] لتصبح منذ ذلك التاريخ من المفاهيم الأكثر تداولا.
ومع أن للعولمة مظاهر سياسية وثقافية واقتصادية، فإننا سوف نقتصر على هذه الأخيرة، حيث أن وظيفة الدولة الاقتصادية أصبحت محدودة الحضور، وذلك للدور المتزايد للشركات المتعددة الجنسيات التي تقوم بنسج تحالفات عابرة للقارات والمحيطات متجاوزة من خلال تدخلاتها المتنوعة الحواجز والقيود المفروضة من قبل الدول على النشاط التجاري والمالي والصناعي. كما أن هذه الشركات تعمل من منطلق أن حدودها هي حدود العالم، لذلك لا تجد أية صعوبة   في نقل سلعها وخدماتها وأموالها وإدارتها ومراكز بحوثها إلى أي مكان مستخدمة أخر التقنيات التي تقلص الزمان والمكان.
كما أن تعاظم الأسواق المالية العالمية ي عتبر من أهم تجليات العولمة، بحيث تجاوزت تلك الأسواق حدود الدولة الواحدة والقارة الواحدة وأصبح تنقل الرساميل المالية لا تتحكم فيه حتى الدول الكبرى. وتبعا لذلك أصبح الاقتصادي يتحكم في السياسي [31] وهو ما نستنتجه من تصريح رئيس المصرف المركزي الألماني "تينمابرTinmaper   "   أمام المشاركين في المنتدى الاقتصادي بقرية دافوس Davos عام 1996 والذي جاء فيه بأن "غالبية السياسيين لا يزالون غير مدركين أنهم قد صاروا الآن يخضعون لرقابة أسواق المال...وقد أصبح الخبراء في شؤون المال يوصفون بأنهم العقلانيون الحقيقيون، لا يقيمون وزنا لهوس الزعامة، أو لحسابات سياسية أو انتخابية بل يضطرون إلى إصلاح ما يفسده السياسيون ويعاقبون أخطاء السياسة بخفض سعر الصرف وبفرض أسعار فائدة أعلى. وكنتيجة حتمية لهذه الوضعية أصبحت هاته التنقلات المالية غير خاضعة لأية رقابة. ففي سنة 1994 بلغت التيارات المالية الغير الخاضعة لأية رقابة حوالي 1.300 مليار دولار يوميا، لا يخصص إلا جزء ضئيل منها للعمليات الإنتاجية والباقي يقع تحت طائلة المضاربات المصرفية المنفصلة عن الاقتصاد الإنتاجي" [32].
أما بالنسبة لتجليات العولمة على المستوى التجاري، فقد سجل بروز اتجاه عالمي نحو التحرير الكامل للتجارة العالمية ابتداء من المفاوضات الدولية (جولة الاورغواي، اتفاقيات الغات Gatt ) وصولا إلى إقامة هيمنة عالمية تقوم بتدبير الشؤون التجارية العالمية تحت اسم"المنظمة العالمية للتجارة"، لتكون بذلك اليوم أهم مؤسسة من مؤسسات العولمة الاقتصادية [33].
وبصفة عامة، وأمام هذا الانفتاح الذي يشهده العالم بأسره، وسيادة لغة التجارة والمال والتسويق، لم يبق للدولة سوى دور المحكم [34]، أو الشريك أو المتعاقد أو المساهم [35] .
وإذا كان هذا المد الاقتصادي قد شمل جل دول العالم، فإن المغرب لم يخرج عن هذا المنحى، حين شهد اقتصاد ه الوطني والمحلي منعطفات مهمة ساهمت فيها العديد من العوامل المتدخلة، وكذا الإرادة السياسية لكافة مكونات الدولة، وهو ما سنتطرق إليه في المبحث الثاني.


[1] - Guibal (M) : « La justification des atteintes à la liberté du commerce et de l’industrie », A.J.D.A, juin 1976, p. 330 -331.
[2] - Gerbaux (F) et Muller (P) :  « Les interventions économiques locales », Pouvoir N° 60, 1992,     p. 101.  
[3] - Gruber, (A) : « la décentralisation et les institutions administratives ». Coll. A. Colin, 1986,    p.148.
[4] - Falzon (M) : « Les interventions économiques des collectivités locales », L.G.D.J, 1996, p. 2.
[5] - عادل محمود حمدي: الاتجاهات المعاصرة في نظر الإدارة المحلية -دراسة مقارنة-، دار الفكر العربي، 1976، الجزء الأول، ص 406.
[6] - Falzon (M) :  « Les interventions économiques des collectivités locales », op. cit. p.2.   
[7] - Guibal, (M) : « La justification des atteintes à la liberté du commerce et de l’industrie », op. cit, p. 332.
[8] - Rivero (J) : «  Droit Administratif », éditions Dalloz, 1987, p.28 .
[9] مليكة الصروخ: "القانون الإداري"، "دراسة مقارنة"، الطبعة الثالثة 1996، ص 84.
[10] سنعود إلى هذا المحور بتفصيل في القسم الثاني من هذا البحث.
[11] - خالد الناصري: "الإدارة العمومية بين إشكالية المضمون ومتطلبات التجديد   "   ، منشورات مجموعة البحث في المجال والتراب تحت إشراف علي السدجاري، سنة 2000، ص 81.
[12] - جان لوك بوديكيل:  » آليات وأدوات التحديث « ، منشورات مجموعة البحث في المجال والتراب تحت إشراف علي السدجاري، سنة 2000، ص 136.  
[13] - علي السدجاري:  » تصورات من أجل مشروع حداثي لإصلاح الإدارة بالمغرب  « ،   مرجع سابق، ص 113.
[14]   - للتوسع أكثر في هذا الموضوع أنظر:
Sedjari (A) : « Etat et administration, tradition ou modernité », op cit, 1995, p. 83  
[15] - محمد راجي  : "عدم التركيز الإداري": أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون العام، جامعة محمد الخامس-أكدال، الرباط، 2001.
[16] - مقتطف من خطاب جلالة الملك محمد السادس والذي ألقاه بمناسبة اجتماعه مع المسؤولين بالولايات والعمالات والأقاليم بالدار البيضاء بتاريخ 12 أكتوبر 1999.
[17] - سنرجع بتفصيل إلى هذا المحور في القسم الثاني.
[18] - تقرير 50 سنة من التنمية البشرية وأفاق سنة 2025، الفصل الرابع، ص 2.
[19] - Guerraoui (D) : « Nouveaux rôles de l’état et devenir du service public », in « Le devenir du service public, comparaison France-Maroc », Rabat, éditions Toubkal, 1997, p. 329.  
[20] - Auby (F) : « Organisation administrative du territoire », Sirey, 1985, p.14.
[21] -Achagui (A) : « De la déconcentralisation administrative à la déconcentration économique », Mémoire du cycle supérieur de l’ENA, 2003-2005, p. 69.
[22] -Thierry ( M) : « L’Etat inutile », op. cit, p.30.
[23] عزيزي مفتاح : "اللامركزية من التسيير الإداري إلى تدبير التنمية"، مرجع سابق، ص 114.
[24] - راجع تقرير 50 سنة من التنمية البشرية وآفاق سنة 2025، مرجع سابق، ص 3.
[25] - أحمد بوعشيق:  » المرافق العامة الكبرى على ضوء التحولات المعاصرة  « ،   مرجع سابق، ص 127.
[26] - Ben Ali (D) :  « L’Etat-nation à l’heure des mutations politico-économiques et de libéralisation politique » in « Etat-nation et prospective des territoires », sous la direction de A. sedjari, édition s L’Harmattan- Gret, 1996, p. 53.
[27] سنعود إلى هذا المحور في المحور الموالي.
[28] - Finger. (M) et Rossiand (E ) : « Service public et globalisation, dynamiques organisationnelle et processus d’apprentissage », in « Management territorial », éditions Romandes, 1996, p.114.
[29] صندوق النقد الدولي، "سلسلة الدراسات الاقتصادية، آفاق الاقتصاد العالمي"، الطبعة الفرنسية، ماي 1997، ص65.
[30] عبد الخالق عبد الله :" العولمة، جذورها وكيفية التعامل معها"، عالم الفكر، المجلد 28، العدد 2، 1999، ص 50.
[31] - الحبيب الجنحاني: "ظاهرة العولمة الواقع والأفاق"، مجلة عالم الفكر عدد 28، 1999، ص 24.
[32] - يحيى اليحياوي: "العولمة، أية عولمة؟ إفريقيا للنشر والمعلومات"، الدار البيضاء، 1999، ص 67 و68.
[33] - عباس برادة السني: "العولمة الاقتصادية، ملامح، أبعاد، اتجاهات"، منشورات رمسيس، الرباط 1998، ص69.
[34] - Achaqui (A) : op. cit. p. 67 .
[35] -Chahid (F) : « Territorialisation des politiques », REMALD, Collection « Manuels et Travaux Universitaires », n° 63, 2005, p.121.

ليست هناك تعليقات