Page Nav

الهيدر

Grid

GRID_STYLE

اخبار عاجلة

latest

الجهوية بالمغرب معايير التقطيع و آليات الحكامة

الجهوية بالمغرب معايير التقطيع و آليات الحكامة   تـصميم العرض مقـــــدمـــــة :                                                       ...


الجهوية بالمغرب معايير التقطيع و آليات الحكامة  
تـصميم العرض
مقـــــدمـــــة :                                                                  1- تجربة الجهوية بالمغرب بعد الاستقلال                               1-1 مستويات تعريف الجهة و الجهوية                                   1-2 مدخل تاريخي للجهوية بالمغرب                                     1-3 التقسيم الجهوي بالمغرب (1997)                                 2- معايير التقطيع المجالي   
  2-1 المعايير الطبيعية الجغرافية               
  2-2 المعايير البشرية                                                        2-3 معايير الاندماج و التكامل                                              3- آليات الحكامة في التنظيم الجهوي بالمغرب                       3-1 التدبير الإداري و المالي
  3-2 التدبير القطاعي                                                         3-3 التدبير التشاركي
 3-4 إختلالات  التدبير الجهوي                                              خــــــــــــاتمــــــــــــــــــــة          
      تقديم :
   "  قررنا، بعون الله، فتح صفحة جديدة في نهج الإصلاحات المتواصلة الشاملة التي نقودها ، بإ طلا ق مسار جهوية متقدمة ومتدرجة، تشمل كل مناطق المملكة، وفي مقدمتها جهة الصحراء المغربية... إن مشروع الجهوية، إصلاح هيكلي عميق يقتضي جهدا جماعيا لبلورته وإنضاجه، لذا، ارتأيت أن أخاطبك في شأن خارطة طريقه : أهدافا، ومرتكزات، ومقاربات.[1]"    
" اعتبارا لمؤهلات المغرب الطبيعية حيث تنسجم الوحدة بشكل متناغم مع التنوع الجغرافي و البشري و الثقافي...فإن مغرب اليوم بعد ان تراكمت لديه التجارب ...قد بلغ مستوى من النضج يؤهله لولوج مرحلة جديدة لترسيخ الديمقراطية المحلية التي ستوظفها الجهوية لخدمة الازدهار الاقتصادي و الاجتماعي ." [2]
انطلاقا من المعطيات السابقة يمكن تسجيل أن الجهوية أصبحت في المغرب بمثابة ركن الزاوية في التدبير الترابي و الاقتصادي و الاجتماعي لمجال المملكة حاليا و مستقبلا وأن هذه الجهوية لم تعد أداة للتدبير الإداري الضيق و إنما وسيلة أساسية للتنمية المحلية وتدعيم للامركزية .
إن هذا النضج في الاختيار و التبني جاء نتيجة تراكم تجارب متعددة و متنوعة مر بها المغرب منذ الاستقلال وصولا إلى تقسيم 1997 واستشرافا لتقسيم جديد في الأفق على ضوء تصور التصميم الوطني لإعداد التراب SNAT  2003 و كذا فكرة الجهوية المتقدمة التي جاءت لتمنح الأقاليم الصحراوية حكما ذاتيا موسعا.
إن الاوراش التنموية القائمة تجعل من الجهة أساس حقيقي وشريك للدولة في وضع المشاريع و تنفيذها و تتبعها وبالتالي فهي أداة للمساهمة في الإقلاع التنموي بالبلاد . وفي ترسيخ الحكامة الجيدة.
 احتلت الجهوية مكانة في الخطاب السياسي وأصبحت من القضايا التي شغلت رأي جميع القوى الوطنية التي هدفت إلى تحقيق الديمقراطية المحلية من خلال دعم السياسة الجهوية التي شيدتها الإصلاحات الدستورية والسياسية.
وجاءت الجهة في إطار تشييد مغرب حديث لتحقيق قفزة نوعية في مجال الديمقراطية المحلية وتوسيع اللامركزية لأنها تشكل أداة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإطار للحوار والمشاركة بين كافة مكوناتها.
وبالتالي عملت الجهة على استكمال الصرح المؤسساتي التمثيلي

للمملكة وتوفير فضاء جديدا للتداول والتشاور والإنجاز، خصوصا بعد أن تبين فشل إدارة التسيير المركزي المفرط .
إن معالجة موضوع الجهوية قد تختلف من مهتم لآخر وذلك حسب زاوية الرؤية و التخصص العلمي و الدافع وراء الدراسة و المعالجة فبين القانوني و الاقتصادي و الجغرافي و الجمعوي اختلافات تساهم لامحالة في إغناء النقاش في موضوع لم يعد حكرا على مجال محدد بل أصبح يغري كل المتدخلين و الفاعلين كونه يلامس اليومي بامتياز .
إن محاولة تناول موضوع الجهوية بالمغرب تفرض منهجية معينة انطلاقا من المدخل التاريخي و تعريف المفاهبم الاساسية وجرد التقسيمات المجالية الكبرى التي شهدها المغرب ومعايير التقطيع ثم آليات الحكامة في التنظيم الجهوي المغربي. مع استحضار البعد الجغرافي في الجهوية كونها نظام يهيكل المجال وينعكس على الإنسان و أنشطته.
1- تجربة الجهوية بالمغرب بعد الاستقلال
1-2 : مستويات تعريف الجهة و الجهوية
الجهة : مجال جغرافي يتميز بتجانس طبيعي ( تضاريس,مناخ) وبشري         
( السكان, أنشطة إنتاجية) له حدود مضبوطة.
الجهة أيضا : وحدة ترابية ضمن التقسيم الجهوي و امتداد مجالي حيث تفعل برامج تنموية وتمارس سلطة ترابية .
الجهة : مفرد جهات, و الجهات جماعات محلية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، تساهم إلى جانب الدولة والجماعات المحلية الأخرى في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية .[3]
إن مفهوم الجهة في النصوص القانونية المغربية ترقى من مجرد إطار جغرافي لتنمية اقتصادية سنة 1971 إلى مؤسسة دستورية قائمة الشخصية الذاتية و المالية حسب دستور 1992 و ظهير 1997الذي أعاد ترتيب الخريطة الجهوية,وأمد الجهات بإمكانات مادية ومالية.[4]
وأيا كان مفهوم الجهة فهو ينحصر في إطار مؤسساتي يمثل مجموعة منسجمة ( ادرارت, منتخبين , سلطة وصاية , مجتمع مدني ) تهدف إلى تحقيق تكامل اقتصادي واجتماعي، وإداري تنموي فوق تراب الجهة. في أفق تفتيت مركزية الدولة المفرطة وتعميق اللاتمركز و التخفيف من البيروقراطية القاتلة للمسار التنموي.

يرتبط بمفهوم الجهة مفهوم آخر غالبا ما يردده الباحثين وهو الجهوية
فالجهوية : تصور سياسي يعتمد على تقسيم التراب الوطني إلى جهات بهدف التخطيط للتنمية الجهوية و تطبيق اللامركزية, وفي هذا التصور اعتراف ضمني من الدولة المركزية بوجود شأن محلي جهوي لا دخل للسلطة المركزية في تفاصيله و الأجدر أن تدبره مؤسسات محلية عبر المنتخبين و المجالس التمثيلية ( مجلس الجهة)
إن تبني الجهوية كمكون ومظهر للدول الحديثة ,في حالة المملكة المغربية قد تجيب عن إشكالات التباين التنموي الكبير بين الجهات من جهة وعن الإختلالات المجالية بين الأقاليم المغربية التي تهدد أمن و استقرار البلاد من جهة أخرى.
1-2: مدخل تاريخي للجهوية بالمغرب .
عبر تاريخ الدولة المغربية الوسيطية والحديثة كانت السلطة مركزية بشكل كبير نظرا لضرورة التأسيس والاستمرارية,  وقد حافظت الدولة على حيز مهم من هذه المركزية بعد الاستقلال بغيت التقعيد و التأسيس لسلطة الدولة الفتية وضمانا للأمن والاستقرار.شهدت البلاد عدة  تقسيمات جهوية فسلطات الحماية قسمت التراب الوطني إلى مناطق مدنية(الرباط,وجدة,البيضاء) وعسكرية(فاس, مكناس,مراكش,اكادير) -دون إعارة أي اهتمام للاعتبارات الاقتصادية و الاجتماعية - ليس لتنظيم وهيكلة المجال المغربي و إنما لمراقبة البلاد وبسط النفوذ.
حاول بعض الجغارفة الفرنسيين اقتراح تقسيم موضوعي للتراب الوطني ,
Raynal.despois.béquin  أمثال:
حيث قدم jean celerier  سنة 1922 ثم1948 تقطيع من 8مناطق: الريف,
حوض سبو,السهول شبه الأطلنتيةمن الرباط إلى الصويرة,الهضاب و السهول العليا شبه الاطلنتية تادلة الحوز الفوسفاط الهضبة الوسطى,
الأطلس المتوسط,الأطلس الكبير,المناطق شبه الصحراوية,المغرب الشرقي.) وبعده daniel noin  سنة 1970 حيث اقترح 12جهة على أساس الجهة الفلاحية( الريف, السهول الاطلنتية الشمالية الغربية مقدمة الريف و الميسيطا المغربية , الأراضي المنخفضة الاطلنتية الغربية الشاوية دكالة عبدة, السهول الداخلية شبه الاطلنتية تادلة السراغنة الحوز ,الهضاب الداخلية الاطلنتية,
الجبال الرعوية الهضاب الوسطى جبال الأطلس,جبال الجنوب الغربي الأطلس الكبير الغربي و الأطلس الصغير ,سوس,الصحراء المغربية,النطاق المتوسطي الشمالي الشرقي أراضي ملوية و الهضاب العليا الشرقية.)[5]
لقد تحكمت في هذه التقسيمات المعايير الطبيعية البحتة و مدى التجانس الطبيعي فهي أشبه ما تكون بتقسيم وحدات تضاريسية أو وحدات زراعية بعيدة عن اعتبارات الإندماج المجالي و التجانس الترابي .
فظل الإطار الإقليمي الإداري أبرز وسائل الدولة لإعداد التراب الوطني,
ولم يظهر الاهتمام بالمجال الجهوي إلا بعد استفحال خطورة الفوارق والتفاوتات الجهوية وعجز الإطار الإقليمي عن مواجهتها، وذلك نظرا لمحدوديته وقصوره عن تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والقضاء على الاختلالات واللاتوازنات التي خلفتها السياسة الكلونيالية التي خدمت الأهداف الاستعمارية.
في سنة 1971 قررت السلطات العمومية تطبيق الجهوية كأداة للتنمية و اعتبار الجهة كقاعدة تراتبية لهذه التنمية[6].وقد أدى هذا التصور إلى تقسيم التراب الوطني إلى 7جهات اقتصادية( الخريطة1) وقد كانت الغاية من هذا التقسيم محو الفوارق و عدم التوازن الجهوي, وتخفيف الضغط الاقتصادي و الديموغرافي على محور الدار البيضاء الرباط القنيطرة [7].
لقد أبان هذا التقسيم عن قصوره من خلال النقاط التالية :
ü    تباين مهول بين الجهات فالجهة الجنوبية لوحدها تمتد على 70% من التراب الوطني .
ü    هيمنة الجهة الوسطى 50% من النشاط الصناعي للبلاد 25%من الساكنة
ü    إدماج جهات غير متجانسة في جهة واحدة نموذج منطقة الحسيمة مع فاس .وفصل جهات متجانسة بشريا مراكش و ورزازات.
ü     تقوية تمركز الرأسمال و الخدمات في الجهة الوسطى و الشمالية الغربية.بإضعاف باقي الجهات.
أمام هذه الاختلالات أصبح من المفروض إحداث خلخلة في التقسيم الجهوي الوطني مجاليا و قانونيا.

1-3: التقسيم الجهوي بالمغرب لسنة 1997
جاء هدا التقسيم لمعالجة اختلالات التقطيع السابق لكن هذه المرة جاءت الجهة قوية بحكم الفصل 100 من دستور 1996.والذي جعل من
الجهة جماعة محلية تتميز بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي, و القانون رقم 96.47 المتعلق بتنظيم الجهات و الذي حاول ضبط ميكانيزمات
عمل الجهات و علاقتها مع السلطة المركزية وكذا حدود الصلاحيات و ضوابط الوصاية. ثم الظهير الشريف رقم1.97.84 الصادر في2 ابريل 1997 بشأن تنفيذ قانون الجهات. كما جاءت أكثر اتزانا في التقطيع .
فتم تقسيم التراب المغربي إلى 16جهة ( الخريطة2) 
2- معايير التقطيع الجهوي بالمغرب
تتعدد معايير التقسيم وإحداث الجهات :طبيعية,بشرية,إدارية,جيوسياسية
لكن تعددها يجب ألا يقلص إمكانية تصور تقطيع موضوعي للمجال,يمكن تحديد المعايير في ثلاث محددات أساسية:
2-1:المعايير الطبيعية الجغرافية :
تبقى الطبيعة المحدد الأساسي و الأهم في تحديد الجهات فغالبا ما يتم الجمع بين مناطق متصلة ذات امتداد تضاريسي واحد أو متشابه بحثا عن التجانس الطبيعي .كالوحدات الهضبية الشرقية(الجهة الشرقية) أو الوحدات السهلية سهل الغرب( الغرب الشراردة بني حسن) أو الأحواض النهرية كحوض تانسيفت ( تانسيفت الحوز) لكن دون أن يعني هذا ضرورة تطابق الجهات مع الوحدات التضاريسية لوجود معايير أخرى تتدخل لتكتمل صورة التقطيع.
 2-2:المعايير البشرية والثقافية:
غالبا ما يتم الأخذ بعين الاعتبار من لدن تقنيو التقطيع الوحدات البشرية والتشكيلات القبلية و الإثنية المنتشرة فوق المجال بغية تجميع القبائل المتقاربة في جهات واحدة (القبائل الصحراوية بمعظم فروعها)الجهات الصحراوية الثلاث,أو تجميع عدد من القبائل الأمازيغية في جهتي مكناس تافيلالت و تادلة أزيلال .قصد تحقيق نوع من الإنسجام القبلي و الثقافي( العادات ,التقاليد,اللهجات,نمط العيش...) أيضا يتم الجمع بين مناطق ذات ارتباط تاريخي (مكناس تافيلالت) لتوطيد وتنمية وتصحيح هذا الإرتباط و الرقي به من التبعية إلى التكامل و الاندماج.
2-3: المعايير الجيو استرتيجية :
تعتبر المعايير الجيواستراتيجية المعيار الحاسم في رسم حدود الجهات,
فلدولة تصورها الأمني و الإداري وعلى ضوءه يتم التقسيم حيث يفرض هاجس الأمن و المراقبة ذاته بقوة متجاوزا المساحة وعدد السكان,وهذا ما يبدو واضحا في التقطيع الترابي حيث يتم تفتيت التراب الوطني إلى
عدد من مراكز السلطة الترابية بدءا بالقيادة و وصولا إلى الجهة .
المعايير الجيواستراتيجية أيضا تبدو واضحة بخصوص تقطيع الجهات الحدودية بحكم انفتاحها على حدود دولية (الجهة الشرقية, طنجة تطوان)
وكذا الجهات التي تعرف مشاكل سياسية وحدودية( وادي الذهب لكويرة, العيون بوجدور الساقية الحمراء,كلميم السمارة.)
2-4: معايير الانسجام والتكامل:
إن المعايير السابقة ترمي إلى تحقيق تكامل بين المناطق المدمجة في جهة واحدة تكامل من حيث الموارد ) معادن,غابات , مياه )و الأنشطة الاقتصادية( زراعة,رعي,صناعة,تجارة,خدمات) حتي تتمكن الجهة من تحقيق هدف الاستقطاب الذي خلقت من أجله وتؤدي كل وظائفها خاصة التنمية الاقتصادية و الاجتماعية,كما يرمي التقسيم إلى البحث عن إمكانية إدماج المناطق الفقيرة والهشة تحت قطب جهوي للمساهمة في تنميتها(تافيلالت مع قطب مكناس)(زاكورة مع قطب اكادير)...
3- آليات الحكامة في التنظيم الجهوي بالمغرب :
إن فعالية أي تقطيع جهوي و مردوديته ترتبط بمدى الحكامة في تفعيل القوانين و القرارات وتدبير المجالس و المؤسسات
3-1: التدبير الإداري و المالي  :
يسهر على تدبير أمور الجهة إداريا مجلس الجهة الذي يؤطر عمله القانون   
رقم 47.96 هذا المجلس يسير الجهة إداريا و ماليا فوق الإطار الترابي للحهة عبر اختصاصات خاصة به:
دراسة ميزانية الجهة والتصويت عليها ودراسة الحسابات الإدارية و المصادقة عليها.إعداد مخطط جهوي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية و تقديمه للمجلس الأعلى للإنعاش الوطني للمصادقة عليه. إعداد التصميم الجهوي لتهيئة التراب ثم إحالته إلى وزارة تهيئة وإعداد التراب الوطني للمصادقة عليه.تحديد قيمة الضرائب المحصلة لفائدة الجهة وطرق تحصيلها.تشجيع الاستثمارات الخاصة بإنشاء مناطق صناعية.مساهمة الجهة في مقاولات الاقتصاد المختلط ذات الفائدة الجهوية أو المشتركة بين الجهات.المساهمة في إنعاش التكوين المهني و التشغيل و الرياضة. والأنشطة الاجتماعية والثقافية والتضامن الاجتماعي. اعتماد التدابير اللازمة لحماية البيئة و عقلنة تدبير الموارد المائية بالحوض النهري المتواجدة فيه.المحافظة على الخصائص المعمارية للجهة.
كما يمارس المجلس اختصاصات توكلها له الدولة:
إنشاء وصيانة المؤسسات الصحية والتعليمية و توزيع المنح الدراسية.
تكوين أعوان و اطر الجماعات المحلية.
إقامة التجهيزات ذات الفائدة الجهوية.كما يمكن للمجلس اقتراح برامج و توجيهات وخطط على المصالح المركزية إذا كانت تتجاوز إمكانات وطاقات الجهة. يمكن للدولة أن تنقل اختصاصات أخرى للجهات و ترافق ذلك بنصوص تنظيمية وقانونية.كل هذه الاختصاصات تبقى حبيسة الأوراق و التصورات ما لم توافق عليها سلطة الوصاية(والي الجهة) بشكل مباشر
 ( حالة الميزانية و النفقات العمومية) أو غير مباشر ( ضرورة إبداء رأي سلطة الوصاية في كل قرارات المجلس الجهوي).يتلقى المجلس الدراسات المنجزة من طرف لجن الجهة (7على الأقل)ثم يتخذ  قراراته عن طريق تصويت الأغلبية بالاقتراع العلني في الغالب وبحضور ممثل سلطة الوصاية.
3-2: التدبير القطاعي :
من المفروض أن الجهة أنشأت لخلق تنمية شاملة تلامس كل القطاعات عبر مخططاتها التنموية.لكن المصالح المركزية من وزارات و مؤسسات عمومية مازالت تحتفظ لنفسها بعدد من الاختصاصات الجهوية والمحلية وتنزل القرارات من المركز نحو المؤسسات التابعة لها في تكريس كبير للبيروقراطية وضرب واضح لمرتكزات علم الإدارة الحديث و الحكامة الجيدة
(الفاعلية,الشفافية,المسؤولية )الأمر الذي يولد بطئ في التنفيذ وصعوبة في التتبع وبالتالي نتائج غير مرضية. هذا التنزيل يكون عبر تراتبية إدارية (المركز,الجهة,الإقليم ,الجماعة) كل مستوى فيها يغطي مجال معين قد لا تتطابق حدوده مع التقسيم الجهوي الرسمي,فمثلا المكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي خاضعة لتقسيم خاص وكذلك المندوبيات الجهوية للمياه و الغابات, وكذا مندوبيات البيع والتنمية المنجمية ,  و العصب الرياضية...مما يجعل تدخلات المجلس الجهوي محدودة وغير فعالة في حالة منطقة خاضعة لتدخلين من جهازين منفصلين كل جهاز يحمل رؤية وتصور و خطوات تنفيذ تختلف عن الأخر.مما يحرم المناطق من فرص تنموية حقيقية .ويحول الجهة لإطار حبيس الممارسة الإنتخابية. هذا الاختلال يجد تفسيره في تداخل الاختصاصات بين الجهة و المؤسسات العمومية وفي فراغات القانون المنظم لعمل الجهات.
3-3: التدبير التشاركي :
إن الأجهزة المركزية للدولة غالبا ما ترغب في إشراك أطراف متعددة في تسيير الشأن العام و توسيع قاعدة اتخاذ القرارات , وتجاوز مركزية القرار السياسي لكن مع إبقاء السيطرة على أبراج المراقبة عبر أجهزة الوصاية.
إن إشراك المجالس الجهوية في التدبير وجه من أوجه الحكامة التشاركية 
هذا الإشراك لا يعني التخلص من مسؤوليات لفائدة طرف آخر بقدر ما يعني التكامل في أداء المهام على ضوء نصوص قانونية تكميلية تضبط وترسم حدود التدخلات و الاختصاصات مما يضمن أداء تنموي أكثر فاعلية
وأكثر قرب و دقة ومردودية.
3-4: اختلالات التدبير الجهوي بالمغرب :
يعرف تدبير العمل الجهوي عدد من العيوب و النقائص الناجمة عن هفوات التقطيع أو فراغات القانون المنظم للجهات 96.47 ويمكن إجمال هذه الاختلالات في النقاط التالية :
×   تضخم في عدد الجهات (16) والجمع بين مناطق غير منسجمة
(زاكورة,اكادير) والتفريق بين مناطق منسجمة(الناضور,الحسيمة)  
×   تكوين الجهات على أسس إقليمية وهي أسس تراعي الاعتبارات
 الإدارية والسياسية آثر من الاعتبارات التنموية والاقتصادية, فبدلا من أن يأخذ التقطيع الجهوي بعين الاعتبار تصاميم التنمية والتهيئة الجهوية, أخذ الإقليم أساس وركيزة وحيدة لإحداث الجهة
, خصوصا وان الإقليم هو الآخر أحدث على أسس إدارية وسياسية عوض أن يكون مؤسسا على معطيات ومؤشرات اقتصادية.    
×   تحكم سلطة الوصاية في مؤسسة الجهة المادة41( النفقات العمومية,صفقات البيع و الشراء...)
×   تداخل الاختصاصات بين الجهات و عدد من المؤسسات العمومية كالوزارات و وكالات التنمية ...
×   عدم توفر الجهات على نخب ذات كفاءة قادرة على تدبير أمور الجهة مما يعطل أهم وظائفها.
×   ضيق وانحسار الاستقلال المالي للجهة بعدم تأسيس صندوق الموازنة والتنمية الجهوية .
×   غياب النصوص القانونية التكميلية والمراسيم التنفيذية المرافقة لنقل اختصاصات من المركز إلى الجهات .
×   التحكم في الشؤون الداخلية للجهات بربط تنفيذ القرارات بمصادقة سلطة الوصاية.
×   التأخر في الانتقال من مراقبة سلطة الوصاية إلى المراقبة القضائية
×   محدودية مداخيل الجهة التي يؤطرها القانون 30.89 المحدث لعدد من الضرائب الخاصة بالجهات.
×   توجيه نسبة مهمة المداخيل (القليلة أصلا) الى التسيير و الأجور و بالتالي ضعف المساهمة في الاستثمار .
×   تكريس الطابع الإقتراحي لمؤسسة الجهة مادامت تنجز دراسات المشاريع وتنفيذها يتم من طرف أطراف أخرى كوكالات التنمية أو الوزارات .
×    أن التحضير لقانون الجهة طغى عليه الجانب التكنوقراطي، مما جعله ينص على الانتخاب وفق نمط الاقتراع غير المباشر عبر اللوائح،
أمام هذه الإختلالات وعدد من النقائص الأخرى أصبح من الضروري إعادة النظر في التقطيع الجهوي بل هناك من يطالب بإعادة النظر في الجهوية ككل و تعميق النقاش حولها خاصة مع بروز فكرة الجهوية المتقدمة ( مشروع الحكم الذاتي للأقاليم الصحراوية) ومن الإقتراحات نجد التقسيم المقترح من طرف J.F.TROIN  [8]

خــــاتمـــــــــــــــــــــــــة
من الصعب الإحاطة بموضوع الجهة وملامسة كل جوانبه.لكن انطلاقا مما جاء في التناول يمكن الوقوف على عدد من الإستفهامات:
هل المغرب يحتاج فعلا إلى 16جهة مع ما يتطلبه ذلك من إمكانيات مالية،
 بشرية وإدارية طائلة يتحملها في آخر المطاف المواطن؟ و ما هي المعايير المستلزمة لتقسيم عادل ؟من طبيعة الحال من الصعوبة بمكان تقرير ورسم خريطة جهوية عادلة و متكافئة بصفة مطلقة، و إنما المطلوب هو إيجاد وحدات مجالية متجانسة تضمن التنوع الثقافي و السوسيولوجي و تتوفر على موارد متقاربة ومتوازنة تتيح تنمية
المنطقة على جميع الأصعدة. وأخيرا لماذا لا يتم إسناد مسألة التقسيم الجهوي و الترابي بصفة عامةإلى المشرع بدل احتكار ذلك من طرف وزارة الداخلية، حيث يطغى البعد الأمني على باقي الأبعاد الأخرى؟
لماذا الوحدات الجهوية أصبحت مجرد تعقيدات إدارية تفضي إلى فرض مجموعة من الأتعاب المالية على كاهل المواطن دون أن تمكنه من المشاركة الفعلية في اتخاذ القرار و في تسييرشؤونه المحلي؟فالجهوية لا تعني فقط توزيعا للاختصاصات و إنما نظاما للمشاركة، كما أنها ليست
هدفا في حد ذاتها و إنما وسيلة لتطبيق الديمقراطية المحلية.

المراجع المعتمدة في العرض
-        القانون المنظم للجهات :96.47 المطبعة الرسمية للملكة.
-        لبكر رشيد إعداد التراب الوطني و رهان التنمية الجهوية منشورات مديرية إعداد التراب الوطني  الرباط
-        المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد 16 1998
-        خطب صاحب الجلالة من الموقع الرسمي للملكة: www .maroc.ma
-        J .F TROIN : maroc régions pays territoires .maisonneuve et larouse .edition tarik casa blanca 2002



 خطاب صاحب الجلالة محمد السادس 6 نونبر 2008[1]
  مقدمة  القانون رقم 47.96 المتعلق بتنظيم الجهات .[2]


 الباب الأول المادة الأولى من  القانون رقم 47.96 المتعلق بتنظيم الجهات  [3]
 عبد القادر الادريسي و احمد أوعطي,التقسيم الجهوي الجديد .المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد 16. 1998 ص 27[4] 

 [5] J .F TROIN : maroc régions pays territoires .maisonneuve et larouse .edition tarik casa blanca 2002

 لبكر رشيد إعداد التراب الوطني و رهان التنمية الجهوية منشورات مديرية إعداد التراب الوطني  الرباط 2003 ص 154[6]
 البورقادي فاطمة ,كناني أمال : تطور الجهة بالمغرب منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية عدد 8 .1996 ص 22[7]




[8] J .F TROIN : maroc régions pays territoires .maisonneuve et larouse .edition tarik casa blanca 2002P 34



ليست هناك تعليقات