Page Nav

الهيدر

Grid

GRID_STYLE

اخبار عاجلة

latest

دور المحاسب العمومي

مــــقــــــدمــــــة: تعتبر المحاكم المالية هيآت عليا للرقابة على المال العام تناط بها مهام مراقبة تنفيذ الميزانية العامة وميزانيا...


مــــقــــــدمــــــة:

تعتبر المحاكم المالية هيآت عليا للرقابة على المال العام تناط بها مهام مراقبة تنفيذ الميزانية العامة وميزانيات الجماعات الترابية بمراحلها المختلفة وأجهزتها المتعددة، وتناط بها ممارسة اختصاصات رقابية قضائية وإدارية حسب مجالات تدخلها وتنقسم إلى مجالس جهوية للحسابات وتمارس اختصاصاتها على المستوى الجهوي والترابي ’ ومجلس اعلي للحسابات ويمارس نفس الاختصاصات على المستوى الوطني إن أهمية الرقابة على المال العام أصبحت ضرورة ملحة فهي أساس تقويم السياسات والبرامج العامة واحد الركائز الأساسية التي يقام عليها صرح الدولة الحديثة في كل تجلياتها الاقتصادية والاجتماعية والقضائية والمؤسساتية ’ اد تعتبر الرقابة على المال العام من المعايير الحديثة لتصنيف الدول المتقدمة من النامية . 

ومن هدا المنطلق فان إحداث المحاكم المالية بالمغرب بمقتضى قانون 62.99 الصادر في 13 يونيو 2002 يعتبر مكسبا وطنيا لا يستهان به بحكم الأفاق التي سيفتحفا في صيرورة تحصين المؤسسات وحماية المال العام اد توفرت بالفعل كل الضمانات الازمة لتفعيل هده المحاكم المالية  ’ كما شكل صدور المدونة قفزة نوعية في مجال الرقابة على المال العم بالمغرب ودلك بمنح المجالس الجهوية للحسابات والمجلس الأعلى للحسابات صفة المحاكم وان كانت من نوع خاص .
وقد حملت هده المدونة معها مسطرة وإجراءات قانونية خاصة تكرس خصوصية القضاء المالي بالمغرب باعتباره مؤسسة انيطت بها استرجاع المال العام من خلال الضرب على أيدي العابثين والمستخفين بقدسيته .
وتعمل المجالس الجهوية والمجلس الأعلى للحسابات القيام بهده المهام المحورية عبر مجموعة من
الأشخاص ولعل أبرزهم المحاسبون العموميون الدين يلعبون دورا بالغ الأهمية في تقديم الحسابات لهده
الهيات الرقابة , وينتج عن هده العلاقة مجموعة من النتائج تتحدد أبرزها في المسؤوليات والالتزامات الملقاة على عاتق الحاسب العمومي اتجاه المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات من جهة تم مسالة التأديب وما ينتج عنها من ضمانات وحق الطعن.
فإلى أي حد يمكن أن نستشف طبيعة العلاقة القائمة بين المحاسب العمومي والمحاكم المالية ؟
ماهي المسؤوليات الملقاة على عاتق المحاسبين العموميين في علاقتهم بالمحاكم المالية؟
وماهي ابرز الضمانات المخولة للمحاسب العمومي في حالة التقاضي أمام المحاكم المالية ؟
وما هي ابرز طرق الطعن المتاحة في دلك.؟
 كل هده الأسئلة بالإضافة إلى بعض الأفكار الأخرى، التي سنحاول من خلالها التعريج العمل على إحاطة العلاقة القائمة بين المحاسب العمومي والمحاكم المالية،حيث نقترح معالجة الموضوع من خلال  التصميم المنهجي التالي:
المبحث الأول : مسؤولية المحاسب العمومي أمام المحاكم المالية
المبحث الثاني: التقاضي والضمانات المخولة للمحاسب العمومي
المبحث الأول : مسؤولية المحاسب العمومي أمام المحاكم المالية
يشكل المحاسب العمومي أهمية بالغة  دخل المنظومة المالية للدولة،وهو ما يجعله يتحمل  مسؤوليات جسيمة،تتجلى أساسا في تبرير كل ما له علاقة بالمال العام ويدخل في اختصاصاته،وتوثيقه بشكل دقيق  تفاديا لأي إخلال بالمهام الملقاة على عاتقه،على اعتبار أن مهام المحاسب العمومي تخضع  للرقابة المنتظمة سواء منها الرقابة الإدارية أو القضائية،لكن ما يهنا نحن هنا هو الجانب المتعلق بالرقابة القضائية والتي تجسدها المحاكم المالية.
المطلب الأول: التزامات المحاسب العمومي أمام المجلس الأعلى
إن طبيعة عمل المحاسب العمومي تفرض عليه القيام بمجموعة من الأدوار من أجل الوفاء بالتزاماته اتجاه المال العام،حيث يتمتع بمجموعة من الاختصاصات باعتباره الساهر على مسك الحساب العمومي.
الفرع ألأول:اختصاصات المحاسب العمومي
  تتجلى اختصاصات المحاسب العمومي  في مجموعة من المهام كاستيفاء الواجبات نقدا و الرسوم المصرح بها, وفق الشروط المقررة في النصوص التشريعية و التنظيمية الجاري بها العمل.
- التكفل بأوامر المداخل الفردية أو الجماعية الصادرة عن الأمرين بالصرف المختص, وتحصيلها.
- المحافظة على الأموال و القيم التي يتولى حراستها.
- مسك المحاسبة .
كما يتولى القيام بجميع المساعي الضرورية لتحصيل المداخل, ويتعين عليه أن يخبر الأمر بالصرف بكل ناقص للقيمة يعانيه في مداخل الملك الخاص للجماعة الترابية أو المجموعة.
وينقسم المحاسبون العموميون إلى محاسبين رئيسين ومحاسبين ثانويين .
 المحاسبون الرئيسيون: هم الذين يتعين عليهم بمقتضى القوانين و الأنظمة المعمول بها أو بموجب مقرر للوزير المكلف بالمالية أو يدلوا سنويا للمجلس الجهوي للحسابات المختص, بحسابات الجماعات الترابية أو مجموعاتها بصفتهم المحاسبين المكلفين بها, وتشتمل الحسابات المذكورة على العمليات التي قاموا بتنفيذها شخصيا و كذا العمليات التي قاموا بمركزة مستنداتها المثبتة أو التي منحوها تنزيلا نهائيا.
المحاسبون الثانويون : هم الذين تكون العمليات التي قاموا بتنفيذها ممركزة من طرف محاسب رئيسي يتولى القيام بالتنزيل النهائي لها بعد الاطلاع على مستنداتها المثبة المدلى بها. غير أن مسؤوليتهم برسم العمليات المذكورة تبقى قائمة وفق الشروط المحددة في النصوص التشريعية الجاري بها العمل.[2]
الفرع الثاني:دور المحاسب العمومي والتزاماته
لقد تم تحديد دور ومه المحاسبين العموميين في نص الفقرتين الثانية و الثالثة من المادة25 من قانون مدونة المحاكم المالية كما يلي:
" ويلزم المحاسبون العموميون لمرافق الدولة بتقديم حسابات هذه المصالح سنويا إلى المجلس حسب الكيفيات المقررة في النصوص التنظيمية الجاري بها العمل.
ويلزم المحاسبون العموميون للأجهزة العمومية الأخرى بأن يقدموا سنويا إلى المجلس بيانا محاسبيا عن عمليات المداخل و النفقات وكذا عمليات الصندوق التي يتولون تنفيذها وذلك وفق الكيفيات المقررة في النصوص التنظيمية الجاري بها العمل".[3]
  وبالنسبة للشروط التي يقوم فيها المحاسبون العموميون بتدقيق و تحقيق تلك الحسابات فقد حددتها المادة 28  بالنص على ما يلي:
" يجب أن يقدم الحساب أو البيان المحاسبي إلى المجلس من طرف المحاسب العمومي المزاول عمله بتاريخ هذا التقديم على أن تراعى في ذلك مقتضيات المادة 26 من المدونة.   ويعتبر كل أمر بالصرف أو مراقب أو محاسب عمومي مسؤولا عن القرارات التي اتخذها أو أشر عليها أو نفذها من تاريخ استلامه لمهامه إلى تاريخ انقطاعه عنها.
 وفي حالة تسيير مجزأ, يبرز الحساب أو البيان المحاسبي على حدة العمليات الخاصة بكل محاسب من المحاسبين العموميين المتعاقبين.
  ويشهد كل محاسب عمومي بصحة الحساب فيما يخص الجزء الذي يهمه, أو يوكل خلفه, اذا وافق على ذلك, ليشهد مكانه بصحة الحساب.
وإذا رفض المحاسب العمومي الإدلاء بحسابه أو بيانه المحاسبي أو إذا حالت الظروف دون أن يدلي المحاسب بحسابه أو أن يجمع المستندات المعدة لتبرير المقررات المتخذة إزاء المحاسب, كلف الوزير المكلف بالمالية صراحة بذلك الخلف أو انتدب محاسبا عموميا أخر لهذا الغرض مع تحديد أجل إضافي لهما عند الاقتضاء.
ويلزم المحاسبون العموميون الذين يتوقفون بصفة نهائية عن مزاولة مهامهم في انتظار إبراء ذمتهم, بتسجيل عنوان إقامتهم في محضر تسليم السلط وإشعار المجلس في الحال بأي تغيير يطرأ لاحقا على هذا العنوان"".
 ويتعرض المحاسب العمومي لعقوبات في حالة ما اذا لم يقدم الحسابات ومستلزماتها في الآجال المقررة وذلك وفق المقتضيات المقررة في المادة 29.[4]
 ويتكون الحساب من وثائق عامة و مستندات مثبتة.
"فالنسبة لمرافق الدولة, توجه المستندات المثبتة للمداخل و النفقات كل ثلاثة أشهر إلى المجلس.
 وبالنسبة للأجهزة العمومية الأخرى, يمكن تدقيق هذه المستندات بعين المكان".[5]
ويجوز للمستشار المقرر كقاضي مالي, وله دور أساسي في وضع المجلس الأعلى للحسابات في موضوع تدقيق وتحقيق الحسابات, أن يلزم المحاسب العمومي بتقديم جميع التوضيحات أو التبريرات التي يراها المستشار ضرورية, وذلك في حدود الصلاحيات المخولة له.
 ويمكن أن يؤدى كل امتناع عن الإدلاء بالتبريرات أو التوضيحات المطلوبة, إلى تطبيق الغرامة التهديدية (500-1000 درهم المادة 29),بناء على تقرير يتقدم به المستشار المقرر لرئيس الغرفة الذي يحيله على الوكيل العام للملك لتقديم ملتمس في الموضوع إلى الرئيس الأول.[6]
المطلب الثاني:  التزامات المحاسب العمومي اتجاه المجلس الجهوي للحسابات.

فيما يخص التزامات المحاسب العمومي اتجاه المجلس الجهوي للحسابات فإن القانون رقم 99 .62 المتعلق بمدونة المحاكم المالية حدد هذه الالتزامات على الشكل التالي:
الفرع الأول: فيما يخص تقديم الحسابات إلى المجالس العمومية.
نجد أن المحاسب العمومي ملزم بتقديم الحسابات إلى المجالس الجهوية للحسابات من أجل ممارسة رقابتها القضائية عليها, بشأن التدقيق و التحقيق و البث في تلك الحسابات,لشروط محددة لكيفية تقديم تلك الحسابات بما يكفي من الوضوح و الانتظام, و ثم ضبط تلك الشروط في مقتضيات الفقرتين الثانية و الثالثة من المادة 126 من قانون المحاكم المالية كما يلي:
ويلزم كذلك المحاسب العمومي بالجماعات المحلية و هيئاتها بتقديم حسابات هذه الأجهزة سنويا إلى المجلس الجهوي, و ذلك وفق الكيفيات المقررة في النصوص التنظيمية الجاري بها العمل.
و يلزم أيضا محاسبو الأجهزة الأخرى الخاضعة لرقابة المجلس الجهوي بأن يقدموا سنويا إلى المجلس الجهوي بيانا محاسبيا عن عمليات المداخيل و النفقات و كذا عمليات الصندوق التي يتولون تنفيذها, و ذلك وفق الكيفيات المقررة في النصوص التنظيمية الجاري بها العمل, ( المادة 126 , الفقرتين 2 و3 ).
الفرع الثاني :أما فيما يتعلق بكيفية مراقبة وثائق و مستندات الحسابات المقدمة.
فإن مراقبة وثائق و مستندات الحسابات المقدمة الخاضعة للتدقيق, و التدقيق و البث  من قبل المجالس الجهوية للحسابات من طرف المحاسب العمومي تبعا للكيفيات المنصوص عليها في المادة 127 من نفس القانون المذكور. كما يلي:
حيث أن الحساب يتكون من وثائق عامة و مستندات مثبتة.
أما بالنسبة لعمليات الجماعات الترابية و هيئاتها فتوجه المستندات المثبتة للمداخيل و النفقات كل ثلاثة أشهر إلى المجلس الجهوي.
أما بالنسبة للأجهزة الأخرى, فيمكن التدقيق في هذه المستندات في عين المكان.
الفقرة الثالثة : إجراءات التدقيق و التحقيق و البث أمام المجالس الجهوية للحسابات.
فيما يتعلق بإجراءات التدقيق و التحقيق والبث أمام المجالس الجهوية للحسابات فإن المحاسب و بناءا على شروط تحدده المادة 28 بالتدقيق و التحقيق في تلك الحسابات.
المبحث الثاني:مسطرة التقاضي والضمانات المخولة للمتقاضي أمام المحاكم المالية
سنحاول من خلال هدا المبحث التعرض لطبيعة  مسطرة التقاضي أمام المحاكم المالية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية على اعتبار أنها تختلف عن نظيرتها في مجال رقابة المحاسبين العموميين،خاصة فيما يتعلق بضمان الحد الأقصى من السرية للمتهم من حيث إجراءات التحقيق،كما سنتحدث عن طبيعة المسطرة أمام المجلس الأعلى ونبين الإجراءات المتبعة في رفع الدعوة أمام المجالس الجهوية،وسنعرض للضمانات المخولة للمتقاضي أمام المحاكم المالية.
المطلب الأول:مسطرة التقاضي أمام المحاكم المالية
تخضع مسطرة التقاضي أمام المحاكم المالية لمجموعة من الإجراءات التي تهدف الى شرح المراحل التي تمر بها القضايا أمام المحاكم المالية،والأشخاص المؤهلون لإحالتها على المجلس والمسطرة المتبعة في التحقيق من أجل التأديب.
الفرع الأول:إحالة القضية وطبيعة المسطرة أمام المجلس
 لقد تناولت المادة 61 من القانون رقم 12-79 للمجلس الأعلى للحسابات الأشخاص المؤهلون لرفع القضية أمام الجهاز في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية،حيث نصت المادة على ن القضية ترفع الى المجلس من داخله من طرف الوكيل العام للملك من تلقاء نفسه أو بطلب من الرئيس أو من احدى هيئات المجلس ومن خارجه بواسطة الوكيل العام للملك عن طريق كل من،الوزير الأول،رئيسي مجلس النواب والمستشارين،الوزير المكلف بالمالية الوزراء فيما يخص الأفعال المنسوبة للموظفين أو الأعوان العاملين تحت سلطتهم.  [7]
 إذا كانت مسطرة البت في الحسابات تتعلق بشق من اختصاصات المحاسب العمومي كما أسلفنا في المبحث الأول، فان مسطرة التأديب المتعلق بالميزانية و الشؤون المالية يسري على المحاسب العمومي في الشق الثاني من اختصاصاته كما تسري على الأمرين بالصرف والمراقبين في حدود معينة.
وهكذا يبادر الرئيس الأول للمجلس في البداية إلى تعين مستشارا مقررا بالتماس من الوكيل العام للملك،بحيث يكلفه بمباشرة التحقيق،ويتوفر هدا الأخير على سلطات واسعة فيمت يخص عمليات البحث والتحري وجمع المعلومات،كالاطلاع على مختلف الوثائق والاستماع إلى الشهود واستدعائهم،وعند الانتهاء من التحقيق،يوجه  المستشار المقرر ملف القضية مرفقا بالتقرير المنجز إلى الوكيل العام للملك ويقوم هدا الأخير بحفظ القضية ادا تبين له بأنه لا داعي للمتابعة،ويبلغ المقرر إلى الرئيس الأول والى المعني بالأمر،والى السلطة التي  يهمها أمر القضية ادا تطلب الأمر دلك،والتي يتعين عليها إبداء رأيها في الموضوع في غضون 60 يوما الموالية لتاريخ تبليغ المقرر،وفي حالة لم تبدي أي ملاحظة فإنها تعتبر موافقة على كل ما جاء في المقرر.يقوم الرئيس الأول بعد انصرام الآجال المقررة أعلاه والتوصل بآراء الإطراف المعنية  بتبليغ الملف من جديد إلى الوكيل العام للملك الذي يرجعه إليه مصحوبا بملتمساته دخل اجل 15 يوما يبتدئ من تاريخ التوصل ألأنف الذكر،ويتم تبليغ المعني بالأمر بمقرر المتابعة وفقا للشكليات المنصوص عليها في الفصول 37 و 39من قانون المسطرة المدنية.[8]
كما أن هناك أشخاص بعينهم يخضعون لهده المسطرة،على اعتبار أن  هدا النوع من الرقابة هي اعم واشمل من الرقابة السابقة من حيث الأشخاص المخاطبين بأحكامها، ذلك أنها تشمل حسابات المحاسبين العموميين والموظفون والأعوان الذين يعملون تحت سلطتهم أو لحسابهم وعلى كل مراقب الالتزام بالنفقات والمراقبون الماليون والموظفون والأعوان العاملين تحت إمرتهم أو لحسابهم، كما أنها رقابة تمارس في حق الآمر بالصرف والآمر بالصرف المساعدين وكذا الأعوان الذين يشتغلون تحت سلطتهم أو لحسابهم في نطاق اختصاصاتهم المالية. إلا انه يستثنى من الرقابة المذكورة أهم فئة من الأمرين بالصرف الذين هم الوزراء والذين يديرون المالية العامة في منبعها وهو ما يؤثر على نجاعة المحاكم المالية في الرقابة.

كما أن  طبيعة المخالفات موضوع مسطرة التأديب المتعلقة بالميزانية والشؤون المالية كما ينص على دلك  الفصل 54 من قانون المحاكم المالية،ترتب عنها  مسؤولية الأشخاص المحددين أعلاه وهي: مخالفة قواعد الالتزام بتصفية النفقات العمومية والأمر بصرفها عدم احترام النصوص التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية مخالفة القواعد المرتبطة بإثبات الديون العمومية وتصفيتها والأمر بصرفها

حصول الشخص لنفسه أو لغيره على منفعة غير مبررة نقدية أو عينية إخفاء المستندات أو الإدلاء إلى المحاكم المالية بأوراق مزورة أو غير صحيحة مخالفة قواعد التدبير لممتلكات الأجهزة الخاضعة لرقابة المجلس إلحاق ضرر بجهاز عمومي، حيث يتحملون داخله مسؤوليات، وذلك نتيجة الإخلال الخطير في المراقبة التي هم مجبرون القيام بها، أو من خلال الإغفال أو التقصير المتكرر في القيام بوظائفهم الإشرافية... الخ.


الفرع الثاني: الإجراءات المسطرية التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية

بخلاف مسطرة البت في الحسابات فان مسطرة التأديب المتعلق بالميزانية تتميز بمسطرة خاصة في طريقة تحريك المتابعة وفي سير المسطرة ومن حيث الآثار
أولا : تحريك المتابعة
طبقا للفصل 57 من قانون المحاكم المالية فان تحريك المتابعة مسند للوكيل العام أو وكيل الملك بالمجلس الأعلى للحسابات تلقائيا أو بطلب من الرئيس الأول أو إحدى هيئات المجلس، كما يمكن أن يتوصل الوكيل

العام بتقارير الرقابة أو التفتيش مشفوعة بالوثائق المثبتة تستوجب المتابعة من الهيئات التالية:

- الوزير الاول.
- رئيس مجلس النواب.
- رئيس مجلس المستشارين.
-   الوزير المكلف بالمالية.
-   الوزراء فيما يخص الأفعال المنسوبة الى الموظفين والأعوان العاملين تحت سلطتهم، أو العاملين في المؤسسات الخاضعة لوصايتهم.
وبالنسبة للمجالس الجهوية للحسابات فان القضية ترفع بواسطة وكيل الملك إلى المجلس من طرف وزير الداخلية والوزير المكلف بالمالية بعد الإدلاء بتقارير الرقابة أو التفتيش مشفوعة بالوثائق المثبتة طبقا للفصل 138 من قانون المحاكم المالية.
وإذا اقتنع الوكيل العام أو كيل الملك حسب الحالة ، بثبوت الأفعال في حق المعنيين بالأمر فانه يقوم بالمتابعة ويتقدم إلى رئيس المجلس بملتمس تعيين مستشار مقرر مكلف بالتحقيق ويبلغ المعنيين بالأمر بالمتابعة وفقا لقواعد المسطرة المدنية في التبليغ، كما يخبر الوزير المعني ووزير المالية والوزير الوصي على الإدارة التي يعمل بها المتابع.
إلا انه اذا لم يقتنع بثبوت الأفعال المنسوب للمعني بالأمر فانه يحفظ القضية بقرار معلل ويبلغ ذلك للجهة التي عرضت عليه القضية، ان ان قرار الحفظ هذا ليس قرار نهائيا وان كان لا يقبل الطعن وإنما يمكن التراجع عنه كلما ظهرت وسائل جديدة للإثبات المخالفات المنصوص عليها بالفصول من 54 إلى 56 من قانون المحاكم المالية.
ثانيا : إجراءات التحقيق و البت في القضية
يقوم المستشار المقرر المكلف بالتحقيق المعين بجميع التحريات لدى جميع الأجهزة العمومية والخاصة

والاطلاع على جميع الوثائق والاستماع لجميع الأشخاص الذين يرى بقيام مسؤوليتهم، كما يقوم بالاستماع إلى الشهود وفقا لقواعد المسطرة الجنائية بحضور كاتب للضبط الذي يحرر محاضر الاستماع،

لكنه إذا لم يمتثل المعني بالأمر لطلب تقديم الوثائق والمستندات أو يرفضون الاستجابة للاستدعاءات الموجهة إليهم آو يرفضون أداء اليمين أو أداء الشهادة فانه يرفع الأمر للرئيس الأول للبت في الأمر طبقا للفصل 66 والذي يحكم عليهم بمقتضى أمر بغرامة من 500,00 الى 2000,00 درهم.
إلا أن هذا الجزاء يبقى عقيما وغير ذي جدوى اذ لا فعالية له لجمع وسائل الإثبات ذلك أن أي شخص يستدعى من طرف المجلس فانه يفضل عدم الحضور حتى وان تعرض للجزاء المذكور ما دام أن مصاريف تنقله أحيانا تكون أكثر بكثير من الغرامة المذكورة، إذ كان بالأولى اعتماد التدابير الزجرية المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية والتي تجنح رفض أداء اليمن أو الشهادة أمام المحكمة طبقا للفصل ... من ق م ج وكذا وسيلة إحضار الشهود بواسطة القوة العمومية اذا كانت شهادة الشاهد حاسمة في الملف وإلا ما العبرة بوجود جهاز النيابة العامة بالمجلس؟
وبعد انتهاء التحقيق يقوم المستشار المقرر ويوجه الملف للوكيل العام الذي يتقدم بملتمساته في اجل 15 يوما من تاريخ التوصل.
وبعد وضع ملتمس النيابة العامة يبلغ المعني بالأمر من اجل الاطلاع بكتابة المجلس على الملف شخصيا او بواسطة محام كما يمكنه الحصول على نسخ من وثائقه، ويبقى له اجل 30 يوما لأجل الإدلاء بمذكرته الجوابية إما شخصيا أو بواسطة محام ، كما يمكنه التقدم بطلب استدعاء شهود.
ويبقى لرئيس المجلس سلطة تقرير إحالة القضية على الغرفة المختصة بقضايا التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية التي يستدعى لها المعني بالأمر قبل 15 يوما على الأقل.
تشكل سلطة الرئيس الأول في تعيين المستشار المقرر المكلف بالتحقيق و بالتقرير في شأن إحالة الملف على الغرفة المختصة سلطة غير مبررة ومن شأنها تقليص وتبخيس سلطة القاضي المقرر المكلف

بالتحقيق، بخلاف قواعد المسطرة الجنائية التي تعطى حق إحالة الملف للتحقيق للنيابة العامة وحق إحالة ملف التحقيق على الجلسة لقاضي التحقيق وفي ذلك نوع من ضمان استقلالية الأجهزة القضائية.

ويتم تسيير الجلسة من طرف رئيس الهيئة ويتلو المستشار المقرر تقريره ويدعو المعني بالأمر للإدلاء بتوضيحاته ودفعاته شخصيا او بواسطة دفاعه
ويتم الاستماع إلى الشهود شفاهيا او السماح لهم بالإدلاء بشهادتهم مكتوبة بعد إذن الرئيس والتي يتلوها كاتب الضبط ، ثم يقدم ممثل النيابة العامة ملتمساته.
وتكون الكلمة الأخيرة للمعني بالأمر أو محاميه،وتتم المداولة بحضور المستشار المقرر بصوت تقريري، ويتخذ القرار بأغلبية أعضاء الهيئة ويرجح الجانب الذي ينتمي إليه الرئيس في حالة تعادل الأصوات.
ثالثا : أثار قيام المسؤولية التأديبية[9]
فبثبوت الأفعال المنسوبة للمعني بالأمر بشأن المخالفات المالية المنصوص عليها في المواد من 54 إلى 56 المنصوص عليها في المواد من 54 إلى 56 تصدر المحاكم المالية الغرامة المقررة في إطار الرقابة القضائية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، والغرامة المالية هي العقوبة الوحيدة التي يملك المجلس صلاحية الزجر بها، وهي غرامة تقرر وفقا لدرجة خطورة المخالفة المالية وطبيعة تكرارها والتي لا يجب أن تقل عن ألف (1000) درهم وألا تتجاوز مجموع مبلغ الغرامة عن كل مخالفة المرتب السنوي الصافي للمعني بالأمر عند تاريخ ارتكاب المخالفة، وبصفة عامة، فإن مبلغ الغرامة يجب ألا يتجاوز أربع مرات مبلغ المرتب للمعني بالأمر، وإذا قرر المجلس أن المخالفات المرتكبة قد ألحقت ضررا بإحدى الأجهزة العمومية الجاري عليها رقابة المجلس، حكم المعني بالأمر بإرجاع المبالغ المطابقة لفائدة هذا الجهاز من أصول وفوائد الرأسمال الذي ضاع نتيجة الفعل المعيب وتحسب الفوائد على أساس السعر القانوني ابتداء من تاريخ ارتكاب المخالفة.

وإذا اكتشف المجلس أفعالا من شأنها أن تعرض المعني بالأمر لعقوبة تأديبية أو جنائية يتم تطبيق أحكام م 111 من القانون رقم 62-99 والتي تنص على ما يلي : " لا تحول المتابعات أمام المجلس الأعلى للحسابات دون ممارسة الدعوى الجنائية والدعوى التأديبية إذا اكتشف المجلس أفعالا تستوجب عقوبة تأديبية، أخبر الوكيل العام للملك بهذه الأعمال السلطة التي لها حق التأديب بالنسبة للمعني بالأمر والتي تخبر المجلس خلال أجل ستة (6) أشهر في بيان معلل بالتدابير التي اتخذتها.
وإذا كان الأمر يتعلق بأفعال يظهر أنها تستوجب عقوبة جنائية رفع الوكيل العام للملك الأمر تلقاء نفسه أو بإيعاز من الرئيس الأول إلى وزير العدل قصد اتخاذ ما يراه مناسبا وأخبر بذلك السلطة التي ينتمي إليها المعني بالأمر، ويخبر وزير العدل المجلس بالتدابير التي اتخذها..

المطلب الثاني:الضمانات المخولة للمتقاضي أمام المحاكم المالية
في إطار معالجتنا للضمانات المخولة للتقاضي أمام المحاكم المالية فإننا سنعمل على تسليط الضوء على الحقوق التي يتمتع بها المتقاضي أثناء مسطرة التحقيق مع بيان ما تمنحه المدونة من حقوق أخرى مرتبطة بجلسة الحكم.[10]
الفرع الأول:حقوق المتقاضي في مسطرة التحقيق
يمكن الوقوف على الضمانات والحقوق الممنوحة للمتقاضي أثناء إجراءات التحقيق وفق الشكل الأتي:
-إخبار المعني بالأمر بالمتابعة قبل إجراء التحقيق ودلك وفق إجراءات التبليغ المنصوص عليها في المسطرة المدنية.
-الاستعانة بمحام مقبول لدى المجلس الأعلى
-اطلاع المعني بالأمر لدى كتابة الضبط على الملف الذي يهمه،إما شخصيا أو بواسطة
محاميه،وكدا الحصول على نسخ من وثائق الملف التي يرغب فيها على نفقته.
-أن يكون الأجل المخصص للإطلاع على الملف خمسة عشرة يوما ابتداء من تاريخ التبليغ.
-أن يكون الملف المطلع عليه تاما وأن يشمل على مستنتجات النيابة العامة
-حق المعني بالأمر في تقديم مذكرة كتابية إما شخصيا أو بواسطة محاميه.
-حق المعني بالأمر في تقديم طلب يلتمس فيه الاستماع إلى الشهود الدين يختارهم داخل أجل ثلاثين يوما الموالية للإطلاع على الملف.
الفرع الثاني:حقوق المتقاضي المرتبطة بجلسة الحكم
أعطت مدونة المحاكم المالية مجموعة من الحقوق للمتقاضي كغيره من المتقاضين أمام المحاكم الأخرى وهي حقوق يتمتع بها المعني بالأمر قبل وأثناء وبعد جلسة الحكم،إد يمكن ذكرها فيما يلي:
- حق طلب الاستماع قبل تاريخ انعقاد الجلسة بخمسة عشرة يوما على الأقل.
- حق أخد الكلمة الأخيرة
-أن يكون الحكم معللا تعليلا تاما وصحيحا
-حق الطعن في قرارات المجلس وأحكام المجالس الجهوية
خــــــاتـــــــمـــــــــــة:

يتضح من خلال مسار عمل المحاكم المالية انه كشف عن قصور النصوص المؤطرة لها لمحدودية الرقابة التي يمارسها قضاة هاته المحاكم لعدم توفرها على قوة الردع مما كرس معه نهب المال العام وسوء التدبير وتبذير الأموال العمومية وهو ما انتهى إليه تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2010 في مختلف القطاعات، كما أن توزيع الاختصاصات بين أجهزة المجلس لا يليق بمؤسسة للرقابة العليا للمال العام لهيمنة الرئيس الأول للمجلس على مختلف الأجهزة بما فيها القضاة و النيابة العامة الذي يفترض أن تكون سلطة مستقلة وفعالة كما أن قلة العنصر البشري يكتسي كذلك عامل ضعف لسلطة المحاكم المالية باعتبار توفر المغرب على تسع محاكم مالية لمراقبة مالية ألاف المؤسسات الخاضعة للرقابة المالية، في ظل غياب لنظام للتحفيزات تستقطب أطرا عليا من باحثين جامعيين مرموقين في الاقتصاد والمالية واطر في مختلف القطاعات المعنية بالقانون والاقتصاد والمالية بخلاف النظام الفرنسي، بل على العكس من ذلك فان العديد من قضاة المحاكم المالية غادروها للالتحاق بقطاعات أخرى

كما ان تدبير عمل المحاكم المالية حتى في صيغته الحالية لم يفرز انفتاحا على المهتمين والباحثين في غياب تحيين مستمر للموقع الالكتروني للمجلس الأعلى للحسابات وعدم صدور تقارير المجلس بشكل منتظم.
هكذا فان بناء جهاز للرقابة على المال العام يجب أن يحاط بترسانة من القوانين الرادعة وبتمكين المحاكم المالية من سلطات تمكنها من الوسائل البشرية والمادية لبسط رقابتها على مختلف الأجهزة المكلفة بإدارة المال العام وربط جسر من التواصل بينها وباقي الأجهزة المعنية بحماية المال العام بمختلف القطاعات.

[1] عبد القادر باينة: الرقابة المالية على النشاط الإداري مطبعة دار القلم-الرباط الطبعة الاولى الجزء الثاني
[2] ) د. عبد القادر باينة: الرقابة المالية على النشاط الاداري مطبعة دار القلم-الرباط الطبعة الاولى الجزء الأول ص185-.186.
[3] المادة 28 من قانون مدونة المحاكم المالية
[4]  المادة 29 من قانون مدونة المحاكم المالية
[5] عبد القادر باينة: الرقابة المالية على النشاط الاداري-مرجع سابق
[6]  د. عبد القادر باينة: الرقابة المالية على النشاط الاداري مطبعة دار القلم-الرباط الطبعة الاولى الجزء الثاني ص73.
[7] مدونة المحاكم المالية
[8] المادة 60 من القانون 62-69 المتعلق بمدونة المحاكم المالية
[9] عبد القادر باينة،الرقابة على المال العام
[10] محمد براو:الوجيز في شرح قانون المحاكم المالية

ليست هناك تعليقات